الخميس، 29 نوفمبر 2012

مطالعتي اليوم الجمعة جورلزم بوست

من خلال مطالعتي اليوم الجمعة لصحيفة جورلازم بوست وجدت مقال كتبه مسؤول في مركز بيريز للسلام , وهو يعتب فيه على جيش الحكومة الاسراءيلية الذي اعتقد بنجاحه في عملية اغتيال الجعبري احد قيادي حماس وهل هذه العملية لن يكون لها ردة فعل انهمار صواريخ على عدة مدن تل ابيب والقدس وليشتيون وريشون , وبعد كل ذلك ضربه في العمق الاسرائيلي في حافلة اسرائيلية, ثم ينتقد الكاتب هذه العمليات التي لم تعد مجدية في هذا العصر بل حتى اوباما الذي اتصل عشرين مرة بالرئيس المصري لايقاف الصواريخ وابرام هدنة , واضاف الكاتب لا يزال البعض في المجتمع اليهودي يعتبر الغطرسة الهوجاء والجيش الذي لا يقهر هي اساسيات الحرب الحديثة الت ان هذا لم يعد له الاثر الايجابي بل يجب على الحكومة ان تقبل السلام ومصافحة البراغماتيين ممن حولهم من الجيران مثل تركيا اضافة لمصر والاردن خصوصا بعد ذهاب الاسد, هناك من يرغب في ايقاف الحرب مثل عباس وهناك من يريد الحرب مثل حماس وغزة, ويريد الكاتب ان يكون هناك عقلية اسرائيلية حقيقية تريد السلام على المدى البعيد واهم ما في الامر هو كسب تركيا من جديد.

الثلاثاء، 27 نوفمبر 2012

مطالعتي في صحيفة جورلزم بوست

من خلال مطالعتي اليوم الثلاثاء في صحيفة بوست جورالزم قرات مقال منكاتب يهودي عن الدولة الفلسطيينية، ومساعي السلطة الفلسطينية بقيادة عباس بالمضي قدما بالمطالبة بالاعتراف بدولة فلسطينية ، الا ان حماس التي طالما ارادت وتريد النضال ضد الدولة اليهودية، ترى في الاعتراف بالدولة الاسرائيلية كفر ونفاق لانها لا ترى للشعب اليهودي ارضا في فلسطين. قامت دولة اسرائيل حسب الكاتب عام 1948م، وان وجود الدولة الفلسطينية يقتضي بالمقابل اعتراف بالدولة لليهودية ،وهذا يخالف توجهات حماس ونضالها وتضحياتها من اجل التحرير الكامل لاراض فلسطين، ويرى الكاتب صعوبة ذلك.

الأحد، 15 يوليو 2012

The grave's life

The life in the grave
Many people think that when he died the life of him is finished , and some others think the souls will be return and enter other creations on earth , either human beings or even animals.
In Islam creed Allah explaind to us throgh Quran that there is another life in the grave and continues life , while we do not know how is it exactly , and we believe as Muslims that grave is the forst Herafeter grades.
 The grave as we know contains the body which will be rotten , but the soul will have either good situation and the door will open to Jannah to smell and take rest , or the hell fire open to the dead person if he is against Allah's doctrines or make with Allah the creator partner , or knows Allah the creator while he worship some others instead of the creator or with Him all of that are wrong.
Allah has said : "when the death time abbroach to one of them (the sinners or non Muslims) he will say return me back to let me work with good deeds , Nay it is a word he will say it but they will have the barrier until the day of ressurection.(Almumnon 99-100).
   this is the non muslim or sinners will say that in the time of dieng and will say the same in his grave, he will be eager to come back to the world againto do good deeds , so he will not requset in thayt time money , wife nor son , he only want the deedsto save him and uprised him in good grades in Jannah.

 So the grave has all that either Jannah happiness or Hell torement. Saeed Muhamad

الأحد، 8 يوليو 2012

الفتح الرباني لترتيب مسند أحمد بن حنبل الشيباني

أحمد عبد الرحمن البنا
هذا الكتاب العظيم يتكون من أربعة وعشرين جزءاً، وهو مرجعاً مهماً في الحديث الشريف، وعلومه فقد اجتهد المؤلف جزاه الله خيراً في إخراجه بهذه الصورة المشرقة، وهذا الأسلوب الرائع، فقد الأئمة الأعلام في عصره وشيخ السنة، وصاحب المنة على الأمة أبو عبد الله أحمد بن حنبل بن هلال بن إدريس…الخ. ولد الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله في العشرين من ربيع الأول سنة أربع وستين ومائه ببغداد، قال الذهبي هو عالم العصر، وزاهد الوقت، ومحدث الدنيا، ومفتي العراق، وعلم السنة وباذل نفسه في المحنة (1) وقل أن ترى العيون مثله. لقد أبدع حقيقة الشيخ أحمد البنا في هذا الكتاب ، حيث قام بترتيبه ترتيباً رائعاً وقام، بشرح الكلام الغير واضح للمتلقي، ثم وضع رموزاً للرواة ، فالبخاري مثلاً وضع بخ، وأبو داود وضع :د، وغيرهم وكذلك شرح كيف كانت فكرته في الكتاب العظيم الذي لا بد وأنه مرجعاً كبيراً من مراجع الحديث.
قال أحمد البنا " اشتاقت نفسي إلى قراءة المسند، وذلك في سنة أربعين وثلاثمائة وألف من الهجرة، فوجدته بحراً خضماً يزخر بالعلم، ويموج بالفوائد… لا سبيل إلى اصطياد فرائده، واقتناص شوارده فخطر بالخاطر المخاطر، وناجتني نفسي، أن أرتب هذا الكتاب، وأعقل شوارد أحاديثه بالكتب والأبواب، وأقيد كل حديث منه بما يليق به من باب وكتاب… فتحققت بمعونة الله العزيمة وصدقت النية وخلصت بتوفيقه… وحقق إخراج ما في النية إلى الفعل في هذه الدرة اليتيمة" انتهى.
ومن بديع ما فعل البنا في ترتيبه للمسند أنه حذف السند (2)، قال" حذفت السند ولم أثبت منه إلا أسم الصحابي الذي روى الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم .. إلا في حالات نادرة يذكر اسم أحد رواته مما تمس الحاجة إليه، وذكر كيف أن كثرة طول السند يأتي بالسآمة والملل ، وقال" وقد أدرك كثير من كبار المحدثين المتقدمين تفشي هذا الداء فاختصروا كتبهم بحذف السند، منهم الإمام البغوي في كتاب مصباح السنة (3) ، والحافظ بن الأثير في كتابه جامع الأصول، والزبيدي في كتابه التجريد الصحيح لأحاديث الجامع الصحيح .
وقال المؤلف أجزل الله ثوابه" والمقصد الثاني في سبب تكرير الحديث وهو كما هي الكتب الأخرى وذلك يعود لتعدد الطرق في السند واختلاف الألفاظ في المتن ونحو ذلك فتارة يروى الحديث الواحد عن صحابي واحد من طرق متعددة بألفاظ مختلفة فلحرصهم على الإحاطة بجميع الروايات وقع التكرار في كتبهم فيتتبع البنا لأحاديث السند لم يجد حديثاً مكرراً إلا لذلك ونحوه. وهذا يدل على سعة علم المؤلف بكتب الحديث، فقد قرأ الكتب الستة في شبابه، وعرف الأسانيد، والرواة، وكثرة تكرار الأحاديث وأدرك الغاية من ذلك، فوضع ترتيبه للمسند على طريقة علمية دقيقة.
وتحدث المؤلف أيضاً عن كيفية ترتيب الكتاب وتقسيمه على سبعة أقسام وهي كما يلي:
القسم الأول: التوحيد وأصول الدين.
القسم الثاني: قسم الفقه:
1- العبادات
2- المعاملات.
3- الأقضية والأحكام.
4- الأحوال الشخصية والعادات.

القسم الثالث: تفسير القرآن.
القسم الرابع:أحاديث الترغيب.
القسم الخامس: أحاديث الترهيب.
القسم السادس:قسم التاريخ من أول الخليفة إلى ابتداء ظهور الدولة العباسية.
القسم السابع: في أحوال الآخرة وعن الفتن التي تسبق الآخرة.

والكتاب موسوعة للحديث مرتبه بطريقة جيدة، ومشروح بشكل شيق ويسير، أسأل الله أن يرزق مؤلفه أحمد عبد الرحمن البنا بحبوحة الجنة، وأن يجعل عمله هذا حجة له آمين والسلام عليكم.






(1) المقصود بالمحنة هنا ، هي محنته مع أحد الأئمة حين قال بعض علماء الدولة أن القرآن مخلوق، إلا أن أحمد بن حنبل رحمه الله وأجزل ثوابه، قال أين الدليل على هذا القول، القرآن كلام الله وليس بمخلوق ، فما كان من بعض العلماء إلا أن حرضوا الوالي على سجنه فسجن وعذب رحمه الله ، ومع ذلك كان يقول "لو أعلم أن لي دعوة مستجابة لدعوتها لولي الأمر".
(2) المقصود هنا أنه حذف الكلام الكثير الذي ذكره الإمام أحمد آنذاك لتوثيق الأمانة العلمية، ومنهم الرواة ، فكان في المسند يقول حدثنا فلان، حدثنا فلان، وحدثنا فلان، وهكذا فالمؤلف أحمد البنا حذف هذا كله لكي لا يمل القارئ من كثرة الكلام ويترك الفضل الكبير في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم.
(3) أن شاء الله سأتحدث عن هذا الكتاب في حلقة قادمة.

مفتاح دار السعادة ومنشور أهل العلم والدراية



مفتاح دار السعادة ومنشور أهل العلم والدراية
تأليف الإمام ابن القيم الجوزية
قراءتي في هذه الحلقة عن كتاب عظيم، ومؤلفٌ مسدد، أما الكتاب فهو مفتاح دار السعادة ومنشور أهل العلم والدراية، وأما المؤلف فهو الإمام ابن القيم، والذي كتب مؤلفات كثيرة في مجالات شتى، جاء الكتاب في جزأين، تحدث المؤلف فيه بإسهاب عن موضوعين رئيسيين هما كيف أزل الشيطان –لعنه الله- آدم وحواء ، وكيف أهبطهم الله إلى الأرض، والموضوع الآخر فضل العلم والعلماء، هذين الموضوعين أكثر ما شغل صفحات الكتاب، وهناك مواضيع أخرى.
وجدت في الكتاب للوعظ والتذكير مجالاً رحباً، وأرض فسيحة، ومداداً سائلاً، وصفحات مليئة، وجهداً صائباً، وعلماً واسعاً، وحلماً وصبر، وثبات وعزيمة، وتسديد من الله ، لقد أخبر في كتابه عن "محبة الله للصابرين، والمحسنين، والمجاهدين في سبيله صفاً، ويحب التوابين، ويحب المتطهرين، والشاكرين ، وذكر كيف أن الله سبحانه وتعالى خلق آدم وذريته من تركيب مستلزم لداعي الشهوة، والغضب". والمؤلف يذكر هذين لأن الكثير من الرقاب تهوي بها السيوف، وتتناحر البشرية نتيجة للغضب، وللشهوة فحقاً شهوة الأموال والحصول على أموال كثيرة حتى لو كانت سرقة دول من دول تفوقها قوة وذلك للأطماع منذ أن صنعت المواد الحادة، ثم جاءت الطائرات، وراجمات الصواريخ وغيرها.
ثم ذكر " وداعي العقل والعلم، فإن الله سبحانه وتعالى خلق فيه-الإنسان- العقل والشهوة ونصبهما داعيين بمقتضياتهما، ليتم مراده ويظهر لعباده عزته في حكمته، وجبروته، ورحمته، وبره ، ولطفه في سلطانه، وملكه، فاقتضت حكمته، ورحمته، أن أذاق أباهم وبيل مخالفته" وأضاف في كتابه.. كيف كانت غواية الشيطان لآدم وحواء، وكيف كانت النتيجة، وكيف فتح الله باب التوبة إليه تبارك وتعالى.
وفي إحدى فصول الكتاب ذكر المؤلف أيضاً كيف مصير الجن، وهل يثابون ويعاقبون كالإنس قال ابن القيم " قال تعالى (أهبطا منها جميعاً بعضكم لبعضٍ عدو) ثم قال (فإما يأتينكم مني هدى) وكلا الخطابين لأبوي الثقلين- أي آدم وإبليس- وهو دليل على أن الجن مأمورون منهيون داخلون تحت شرائع الأنبياء، ثم ذكر أوجه الخلاف بين العلماء عن مصير الجن في الآخرة، وذكر أدلة كثيرة لكل طرف.
وفي إحدى فصوله أيضاً ذكر المؤلف صفات القلب السليم فقال " القلب السليم الذي ينجو من عذاب الله، هو القلب الذي قد سلم من هذا وهذا، فهو القلب الذي قد سلم لربه، وسلم لأمره ولم تبق فيه منازعة لأمره، ولا معارضة لخبره، فهو سليم مما سوى الله وأمره، لا يريد إلا الله، ولا يفعل إلا ما أمره الله ، فالله وحده غايته". وكتب المؤلف عن فضل العلم وشرفه فقال" قال الله تعالى ( شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم) وهذا يدل على فضل العلم وأهله من وجوه:
أحدها: استشهادهم دون غيرهم من البشر.
والثاني: اقتران شهادتهم بشهادته.
والثالث: اقترانها بشهادة ملائكته.
والرابع : تزكيتهم وتعديلهم فالله لا يستشهد من خلقه إلا العدول.
الخامس : وصفهم بأولي العلم، وهذا يدل على اختصاصهم.
ثم أخذ يعدد حتى وصل إلى الرقم تسعة وعشرون بعد المائة، مع ذكر الأدلة وإسهاب ،وتفصيل.
وفي إحدى فصوله ذكر المؤلف كيف هو الكون الذي نعيش فيه وهذا الفلك الدوار بشمسه، وقمره ونجومه وأبراجه، وكيف يدور
على هذا العالم هذا الدوران الدائم إلى آخر الأجل على هذا الترتيب ، ويدل على كثرة تأمل هذا العالم الجليل في ملكوت الله وإبداعه في هذا الكون، حيث شملت تأملاته في الحكمة من نزول المطر، وفي خلق بعض الحشرات والحيوانات، والحكمة في تركيب البدن، وكيف عمل الحواس الخمس وغيرها، ثم جاء فصل في ذكر المنجمين والرد على أباطيلهم ، الكتاب بالجملة أبدع المؤلف في إخراجه رحمه الله رحمة واسعة.
الإمام الشافعي

وفق الله سبحانه وتعالى الأمة الإسلامية برجال وهبوا حياتهم، وجهودهم، ومساعيهم من أجل خدمة دين الأمة، والمحافظة على مقوماته، وبذل الجهد والعمر من أجل عزة هذا الدين وسؤدده، ونقاءه من الشبهات والشهوات، والبدع والخرافات، لقد قيض الله لهذا الدين رجال عرفوا معنى العلم، وعرفوا لذة العبادة، ومدى فضل العالم على العابد، ومحبة التقرب إلى الله، وقدَّروا عظمة الله، وتوحيده، وعرفوا حقاً مدى عظمة خدمة دينه، وما يترتب عليها من الأجر العظيم، والجزاء الكبير من عند الله عز وجل.
كانت الأمة بحاجة إلى من يجمع أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم، ويميز الحديث الصحيح من غيره، بمعرفة رجال الحديث من المدلسين والواهمين وغيرهم، كي تبقى سنة النبي محفوظة، ولذلك يستطيع العلماء بعدها يستنبطون الأحكام، ويفتون على ضوء تلك الأحاديث ومدى فهمهم لها. ولا تزال الأمة في كل زمان ومكان فيها من العلماء الصادقين، والناصحين الذين استعملهم الله في خدمة دينه، فأظهروا الحق الذي عرفوه، واسمعوا الدنيا كلها العقيدة النقية الصحيحة، ومن هؤلاء العلماء الإمام الشافعي الذي سأتحدث عن هذا العلم الذي أثرى المكتبة الإسلامية رغم صعوبة الزمن، وقسوته، وعدم توفر الإمكانيات في البحث عن المعلومات والأحاديث، إلا بالانتقال من بلدٍ لآخر، والتعلم على أيادي العلماء من بلد إلى بلد.

الإمام الشافعي هو أبو عبداللـه، محمد بن إدريس الشافعي القرشي المطّلبي المكّي، ولد رحمه اللـه سنة 150هـ في السنة التي توفّي فيها أبو حنيفة رحمه اللـه، لأسرة فقيرة تقيم في أحياء قبائل اليمن بغزّة الشام، وقيل بعسقلان قرب غزّة، وتوفّي والده وهو صغير فحملته أمّه وهو ابن عامين إلى مكّة خوفاً من ضياع نسبه، فأقام عند أقاربه وفيها أخذ أوّل علومه، ويروي الشافعيّ لنا نشأته فيقول: «كنت يتيماً في حجر أمّي ولم يكن لها ما تعطيني للمعلّم وقد رضي منّي أن أقوم على الصبيان إذا غاب وأخفّف عنه...، وحفظت القرآن وأنا ابن سبع سنين.. و حفظت الموطّأ وأنا ابن عشر...، ولمّا ختمت القرآن دخلت المسجد فكنت أجالس العلماء وأحفظ الحديث أو المسألة وكان منزلنا في شعب الحيف.. ما كنت أجد ما أشتري به القراطيس فكنت أخذ العظم وأكتب فيه وأستوهب الظهور -أي الرسائل المكتوبة- وأكتب في ظهرها». وروى الربيع بن سليمان أنّ الشافعي رحمه اللـه كان يفتي وله خمس عشرة سنة وقد أجازه مسلم بن خالد الزغبي مفتي مكّة وعالمها كما يروي لنا عبداللـه بن الزبير الحميدي قال: قال مسلم بن خالد للشافعيّ: «أفتِ يا أبا عبداللـه فقد آن لك أن تفتي».
نعم هذه صفات العلماء الصادقين، الذين بذلوا أعمارهم في تحصيل العلم الشرعي الذي يقربهم من رضا الله سبحانه وتعالى، اهتم رحمه الله بالقرآن الكريم فحفظه وعمره سبع سنين، كان شجي الصوت في تلاوة كتاب الله، حيث كان من يسمع تلاوته وحسنها ، وتفاعله مع آيات الله يبكي، حيث كان يؤم الناس في الحرم المكي الشريف، أما في تعلمه للغة فقد مكث في منطقة هذيل القبيلة العربية المشهورة بفصاحتها ، فهي أفصح العرب.
وكذلك برع رحمه الله في تعلم الفقه وأحاديث الأحكام الشرعية، فحفظ في الثالثة عشرة من عمره كتاب الموطأ للإمام مالك رحمه الله، وهكذا ندرك مدى عمق التربية الإيمانية وفضلها على النشء، وندرك مدى فضل العلم والعلماء في حياة الإمام الشافعي، تولى الإمارة في نجران في عام 179 ولم يسلم من الوشاة حيث استدعاه الخليفة هارون الرشيد وأوقفه ثم دافع عن نفسه بحجة وبراهين دامغة فثبتت براءته، بقي في مكة تسع سنوات يعلم الناس العلم الشرعي في بيت الله الحرام، ثم عاد إلى بغداد عام 195 وبقي فيها سنتين يدرس الناس واستطاع بوفرة علمه وإطلاعه وحفظه أن يؤلف كتاب الرسالة، ونشر فيها مذهبه القديم ولازمه خلال هذه الفترة اربعة من كبار اصحابه وهم احمد بن حنبل ، وابو ثور ، والزعفراني ، والكرابيسي . ثم عاد الامام الشافعي الى مكة ومكث بها فترة قصيرة غادرها بعد ذلك الى بغدادسنة (198هجرية ) وأقام في بغداد فترة قصيرة ثم غادر بغداد الى مصر .
كان مذهب الإمام الشافعي متأصل بفقه أهل بغداد وأهل الحجاز، فقد كان ألإمام الشافعي معاصراً لتلك المنطقتين، وعالماً بالكتاب والسنة، فاهماً لأصول اللغة العربية، وكذلك تعلم منهج عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي أمر بالاجتهاد في لقضايا التي ليس فيها دليل من الكتاب والسنة ، وهي مدرسة الرأي التي كان مسؤولاً عن نشر تلك الدراية عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، ومن أشهر تلامذة ابن مسعود الذين أخذوا عنه : علقمة بن قيس النخعي ، والاسود بن يزيد النخعي ، ومسروق بن الاجدع الهمداني ، وشريح القاضي ، وهؤلاء كانوا من ابرز فقهاء القرن الاول الهجري.

أما منطقة الحجاز فقد نشأ فيها مدرسة الحديث وهي المدرسة التي تعتمد في أحكامها على نصوص الكتاب والسنة، وهي امتداد لمدرسة عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنهم أجمعين، وكذلك استمرت إلى أن جاء كبار الأئمة مثل سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير ، والقاسم بن محمد ، وابن شهاب الزهري ، والليث بن سعد ، ومالك بن انس .

لقد تعلم الشافعي من المدرستين، فقد تتلمذ على ايدي فقهاء المدرستين، فتعلم على يد مالك بن أنس في مدرسة الحديث، ومحمد بن الحسن الشيباني في مدرسة الرأي ، ففض الخلافات بين المدرستني وحاول أن يوفق ويجمع ما يستطيع رأب الصدع والخلاف بين المدرستين.

قام الإمام الشافعي بتأليف كتابه الأم، والذي جسّد الفقه الشافعي للاحكام بالأدلة الشرعية، ويبين في المسائل وجه الاستدلال بالدليل، وقواعد الاجتهاد وأصول الاستنباط التي اتبعت في استنباطه، فهو يرجع اولا الى القران وما ظهر له منه ، الا اذا قام دليل على وجوب صرفه عن ظاهره ،ثم الى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى الخبر الواحد الذي ينفرد راو واحد بروايته ، وهو ثقة في دينه ، معروف بالصدق ، مشهور بالضبظ . وهو يعد السنة مع القران في منزلة واحدة ، فلا يمكن النظر في القران دون النظر في السنة التي تشرحه وتبينه ، فالقران يأتي بالاحكام العامة والقواعد الكلية ، والسنة هي التي تفسر ذلك ،فهي التي تخصص عموم القران او تقيد مطلقه ، او تبين مجمله .
رحم الله الإمام الشافعي وغفر له ورزقنا واياكم العلم النافع والعمل الصالح.

محاصرة الشّرور
عبد الكريم بكار
مضت سنة الله -تعالى- في الخليقة أن يظل الصّراع مشتعلاً بين الحق وأهله من جهة وبين الباطل وأهله من جهة أخرى. وحين هبط آدم -عليه السلام- وزوجه من الجنة هبط معهما إبليس بوصفه المسؤول الأكبر عن إشاعة الشرور.
إن وجود إمكانيّة لاقتراف الشر والوقوع في الرذيلة، يشكل مظهراً هاماً من مظاهر ابتلاء الله تعالى لعباده، وكلما درجت البشرية في سبيل العمران والتحضر اتسعت الإمكانات أمام أهل الخير وأمام أهل الشر؛ لكن بما أننا نعيش في ظل حضارة ماديّة إلحاديّة فإن اكتشاف مساحات نشر الخير تحتاج إلى نوع من الإبداع، على حين أن الشر يطرق الأبواب، وكثيراً ما يدخل من غير استئذان!
الخبرة القديمة لدينا في مقاومة الشرور، كانت تعتمد على النهي والزجر والتشنيع على المفسدين ومعاقبتهم. وهذا الأسلوب سيظل مطلوباً، لكن التجربة التاريخية علّمتنا أن الضغط الاجتماعيّ إذا لم يصحبه تربية جيّدة وتنمية أجود للوازع الداخلي، فإن آثاره ستكون أقرب إلى السلبيّة منها إلى الإيجابيّة، إنه يساعد على إخراج مجتمع ظاهره الصلاح والاستقامة والامتثال لآداب الشريعة، وباطنه المروق والفسوق.
إذا كنا نريد معالجة نظيفة للانحراف فإن هذا يتطلب معالجة تقوم على النعومة والجاذبيّة والتفاهم، واستخدام الحد الأدنى من القوة والسلبيّة.
إن من شأن التقدم الحضاري أن يوسّع مساحة الحريّة الشخصيّة لكل واحد من الناس، وهكذا فما كان يُظن شيئاً عاماً يؤثر في الحياة الاجتماعيّة -ومن ثم فإنه يمكن نقده -صار في جملة الخصوصيّات الفرديّة.
وتتكون الآن أعراف تجعل نصح الجار لجاره والرجل لأحد أقربائه من الأمور غير المستساغة. ولهذا فإن مساحة القول في محاصرة الشر تضيق يوماً بعد يوم. ومع هذا الانكماش أخذ المبدأ الإسلامي العظيم (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) يذبل ويفقد منطقيّته وأنصاره على نحو مخيف ومخجل!
في الماضي كان عدد كبير من المسلمين يعوّل على الدولة في محاصرة الفساد والحد من انتشار الانحراف بوصفها الجهة الوحيدة التي تملك سلطة رادعة ومنظمة معترفاً بها. وقد كانت الدولة تقوم فعلاً بشيء من ذلك، لكن لا بد أن نلاحظ عدداً من الأمور، منها:
إن الدولة حين تكون مشروعة، فإنها تستطيع الحد من صور انتشار السوء كثيراً، لكن كما أشرت قبل قليل فإن الردع من خلال القوة يكون قليل الجدوى إذا لم يُصحب بعمل توجيهيّ إيجابيّ.
ونحن نعرف أن كثيراً من المنحرفين تحوّلوا إلى مجرمين كبار من خلال سجنهم مع فئة ضالعة في الإجرام أو مع أشخاص من أصحاب السوابق. أما إذا كانت الدولة غير مشروعة أو كانت لا تخضع لرقابة شعبيّة جيدة فإن قدرتها على حماية الآداب العامة وحفظ ظاهر المجتمع تكون شبه معدومة؛ لأنها هي نفسها تحتاج إلى الكثير من الإصلاح. وهناك نقطة هامّة لا ننتبه في العادة إليها، وهي أن مطالبة الدولة بالمزيد من التدخل لحماية الأخلاق والآداب والأعراف الحميدة، سيعني على نحو آلي منحها المزيد من الصلاحيّة والنفوذ في التدخل في حياة الناس، وهذا يتطلب تضخم أجهزة الدولة، وهذا ليس في صالحها ولا في صالح شعبها. إن الدولة مثل القلب ومثل الكبد إذا تضخم فسد، وإذا فسد تضخم. وقد صدق من قال: الدولة وليدة عيوبنا، والمجتمع وليد فضائلنا.
إن المجتمع الفاضل في الرؤية الإسلامية هو الذي يقوم بمعظم شؤونه دون أن يطلب المعونة من أي دولة أو سلطة بسبب استغنائه بمبادراته ومؤسساته وارتباطاته الأهليّة والشعبيّة. وأعتقد أننا الآن وصلنا إلى بيت القصيد ومربط الفرس في مقالنا هذا. إن العالم يعيش حالة فريدة من التضاغط والتزاحم العمليّ، وفي حالة كهذه تتعاظم قيمة الفعل ويتضاءل وزن الكلام، كما أن كثرة المغريات والمحفزات على الانخراط في الشأن الدنيويّ أضعفت قدرة الناس على المقاومة للشهوات على مقدار ما أضعفت فزعهم إلى الآخرة وإلى عالم المعنى على نحو عام. المستقبل في الحث والتأثير والكف والزجر سيكون للبيئة والجو والسياق والحالة العامة.
إن البيئة الجيدة تؤثر في الشخصية عن طريق (اللاوعي) وتقلل الميول إلى الشرور بشكل سلس. السياقات الحسنة تُبنى من خلال الألوف من الأعمال الخيرة والمبادرات الكبيرة، ومن هنا فإن على أهل الدعوة والغيرة على مستقبل الأمة أن يفكروا بطريقة جدّية وعمليّة في كيفيّة الحصول على حضور متألق في كل المجالات وعلى كل المستويات. إن الطبيعة -كما يقولون- تكره الفراغ.
ومن ثم فإنّ علينا أن نتوقع أن كل فراغ سياسيّ أو تربويّ أو اقتصاديّ أو إعلاميّ.. لا يقوم الصالحون بملئه فسيملأ بسرعة هائلة من قبل غيرهم.
ونستطيع أن نتعلم من حركة اليهود في العالم أكثر من درس بليغ، حيث استطاعوا أن يتحولوا وبصمت عجيب ومن خلال العمل الدؤوب من أقلية مضطهدة مكروهة إلى أقلية ساحقة ومهيبة ومسيطرة، ومهما قلنا عن محاباة الغرب لهم فإن الصحيح أيضاً أنهم قد أبدَوْا براعة نادرة في التنظيم والتخطيط والجهد المتتابع وتلمس مكامن القوة ونقاط الارتكاز، بالإضافة إلى الإحساس المبكر بأهمية العلم في تكوين النفوذ...
حين تكون على درجة عالية من الكفاءة تكثر أعداد الذين لهم مصلحة عندك، وأعداد الذين يحتاجونك. ومن خلال الحاجة إليك يمنحونك الفرصة تلو الفرصة، لأن تكون مؤثراً وفاعلاً، حتى أعداؤك فإنهم يضطرون إلى مصانعتك من أجل الاستفادة منك.
ملء الفراغ وإحداث التأثير المتميز يحتاج إلى عدد من الأمور المهمة، منها:
1- الكفاءة العالية، والتي يأتي كثير منها من وراء التعلم الجيد والتخصص والتدرب الممتاز والمثابرة في اكتساب الخبرة.
2- الأمانة والاستقامة وشعور المرء بالمسؤوليّة الأخلاقيّة عن العمل الذي بين يديه.
3- التضحية وجعل التبرّع والعطاء المجاني انتظاراً للمثوبة من الله تعالى.
4- فن التفريق بين الجوهري والهامشي وبين المرض وأعراضه، وأعتقد أن انتشار الشرور في المجتمعات الإسلاميّة يعود إلى عدد من الأسباب الجوهريّة والتي منها: حبّ الدنيا، ضعف التربية الأسرية، وهن الإيمان والجانب الروحي، الإعراض عن القراءة والاستمرار في التعلم، عدم كفاءة القوانين والنظم الإداريّة.
5- الشعور بالمسؤولية الشرعيّة عن انتشار المنكرات وشيوع الفواحش، ولنا أن نتأمل قول الله -جل وعلا-:(لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ*كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) [المائدة:78-79]. وفي حديث الشيخين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل على زينب بنت جحش -رضي الله عنها- فزعاً، يقول: "لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب" قالت زينب:"يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟"، قال:"نعم، إذا كثر الخبث".
أي زمان كزماننا غير المباشر أهم من المباشر، ويكون الردع عن طريق الفعل أقوى من التأثير عن طريق الكلام، كما تكون الحركة الإيجابيّة أهم من الموقف السلبيّ الشاحب والمحتج. وللنية الحسنة والنشاط المستعر قيمة في كل زمان، ولا يكافئ فضيلة الإخلاص إلا كرم التوفيق.

______________
مقال للدكتور عبدالكريم بكار- المصدر مجموعة مقالات وبحوث الدكتور عبد الكريم بكار جمع وتنسيق علي بن نايف الشحود.

منطق ابن تيمية ومنهجه الفكري

منطق ابن تيمية ومنهجه الفكري

قراءتي هذا اليوم لكتاب فيه الحرص على العقيدة الإسلامية الصافية، وفيه الردود على أهل المنطق ، والفلاسفة ، وفيه المنهج الذي اتبعه شيخ الإسلام أحمد بن تيمية رحمه الله، وهو الكتاب الذي أصَّل الطريقة والمنهج الفكري الذي كان يدل دلالة واضحة في سلوك وطريقة شيخ الإسلام ابن تيمية،هذا الكتاب ألفه الدكتور محمد حسني الزين. ولقد أوضح الكاتب هدفه من وضع الكتاب وهو أن يتتبع جميع أبواب العلم التي طرقها شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله إلا أن كثرة تلك الأبواب حالت دون الوصول إلى غايته. وكثير من حاول أن يكتب عن هذا العالم الفذ، ولكنه لا محالة يجد صعوبة قصوى في الإحاطة بأعماله ، وأساليبه، والإحاطة بسعة علمه، ودقة ردوده على أهل البدع والزندقة، وردوده كذلك على أهل المنطق والفلسفة من مفكري عصره ، أو من سبقوه.
يقول المؤلف:" كان ابن تيمية يعجبه من يفتش عن الحكمة في كل شيء، ولا يفتش عنها بما هو نصب عينيه راسخ في تعاليم الكتاب والسنة، فيدعوا هؤلاء للتنقيب عنها في هذين المصدرين، وبذلك سيجدون ضالتهم.
ومن أجل أعماله أيضاً أنه يجادل الفلاسفة بكل وسائل الإقناع، ويجادلهم في أغلب محاوراته بالأدلة النقلية، محاولاً إقناعهم بما جاء في الآيات والأحاديث والسير. وقد ركز المؤلف على دراسة المنطق عند أبن تيمية. وحقيقة لم يولها أحداً من الدارسين وهي طريقة ابن تيمية بكيفية منطقه (أو نقضه للمنطقيين) ومقارعته لخصومه وذلك بالحجج والأدلة الصحيحة. كان ابن تيمية برفض المنطق الأرسطي(1)وكان يقول :" فلا ما نفوه من طرق غيرهم كله باطل، ولا ما أثبتوه من طرقهم كلها حق على الوجه الذي أعده".
أما الوجه الإيجابي من ذلك المنطق فإنه يقوم على رسم طريق للعلم يسير عليه الإنسان وهو طريق النفس العالمة. ويضيف شيخ الإسلام" إن المعرفة تكون لدى الناس لا عن طريق المنطق ولا عن طريق الفلسفة، فكل ذلك لا يؤدي إلى معرفة حقيقية، بل أن وجود النفس العالمة المدركة للأشياء المحسوسة هو السبيل الوحيد إلى تحصيل المعرفة. لقد هدم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله منطق أرسطو مبيناً عجزه في مجال المعرفة الإنسانية. فكان يرى ابن تيمية أن المنطق الأرسطي يجعل الإنسان محبوس العقل واللسان، وضيق العبارات والتصورات في حين يريد هو أن يحرر الإنسان من قوالب الألفاظ، ويرجع به إلى المعاني العقلية، ويدعوا إلى صياغة الأدلة في عبارات الناس وفقاً للعقل الصريح ودون التقيد بالمنطق الأرسطي.. وكذلك يعتبر طريق المنطق طريقاً ضيقاً وطويلاً، ومن يسلكه يتكلف ويتعثر. ثم أن من يسلك هذا الطريق يكون كمن تكون غايته بيان البين وإيضاح الواضح. ويعتبر ابن تيمية رحمه الله أن المنطق اليوناني وضعه رجل يوناني، ولا يحتاجه العقلاء بشيء في حياتهم، وطلب العلم ليس موقوفاً عليه.
قال ابن تيمية " طريق العلم لا يكون باستخدام ألفاظهم أمثال فيلاسوفيا، وانولوجيا، ومثل تسميتهم للفعل كلمة، والحرف إرادة. لأن لغتهم تختص بهم وهم يعبرون بها عن معانيهم".
ومن كلام ابن تيمية في الحسيات " طريق الحس هو طريق يقيني يحصل به الاقتناع بدون القضية الكلية، فليس في الحس قضية كلية عامة تصلح أن تكون مقدمة في البرهان اليقيني، لأن التجربة والعادة هي التي تكسب المرء علماً بالأشياء عن طريق الحس". ودلَّل على كلامه حين ضرب النار مثالاً فنعرف حرارتها، وخاصية إحراقها لأننا كثيرا ما نستخدمها. لقد جزأ الكاتب الدكتور محمد الزين كتابه إلى أربعة أبواب، فالباب الأول ذكر فيه حياة ابن تيمية ومؤلفاته ,منها .. رسائل في التفسير، ووصفها بأنها كثير ة وعلى رأسها رسالة في التفسير وكيف يكون وكذلك ذكر كتبه في العقيدة، مثل الرسالة الحموية، والتدمرية، والواسطية، والكيلانية، والبغدادية، والبعلبكية، والأزهرية، والإكليل، ورسالة مراتب الإدارة، ورسالة الاحتجاج بالقضاء والقدر،وبيان الهدى من الضلال، ومعتقدات أهل الضلال، و معارج الوصول، والسؤال عن العرش، وبيان الفرق الناجية والجوامع، والفتاوى والجمع بين العقل والنقل، ومنهاج السنة النبوية، والفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، وإبطال قول الفلاسفة بإثبات الجواهر العقلية. أما الفقه فرسالة القياس، وكتاب في نكاح المحلل، وكتاب العقود.
وذكر المؤلف كيف كانت حياة ابن تيمية في ظل النواحي السياسية ، والاجتماعية، والدينية فقد جاءت غزوات التتار في العصر الذي عاش فيه شيخ الإسلام بن تيمية.أما الناحية الدينية والاجتماعية فقد ذكر المؤلف أن ابن تيمية وعز الدين بن عبد السلام، ومحيي الدين الندوي كانوا لا يخافون في الله لومة لائم. وذكر كيفية انتشار التصوف في تلك الفترة، وكيف أن ذلك التصوف أثَّر في الحركة العلمية.
وذكر كلام ابن تيمية في نقده للمتكلمين حيث قال ابن تيمية" الردود على المعتزلة والقدرية، وبيان تناقضهم فيها قهر للمخالف، وإظهار فساد قولهن وهي من جنس المجاهد المنتصر، فالراد على أهل البدع مجاهد، حتى كان يحيى بن يحيى يقول: الذب عن السنة أفضل من الجهاد، لأن المتكلمين منحرفون عن السنة والشريعة.
الكتاب اجتهد فيه الدكتور بإخراجه إخراجاً طيباً وفقه الله، ورحمنا وإياه وشيخ الإسلام ابن تيمية والسلام عليكم.

كيف نتعامل مع السنة النبوية

كيف نتعامل مع السنة النبوية

للاخت



يوسف القرضاوي

دار الشروق- ط ثانية 1423 هج- 2002م



السنة النبوية هي الوحي الثاني أو الوحي غير المتلو وتمثل المصدر الثاني للتشريع بعد القرآن الكريم، وتدور السنة النبوية مع القرآن الكريم شرحا وبيانا وتفصيلا وتقييدا وتخصيصا، وتكتسب السنة مكانتها وحجيتها بصريح القرآن نفسه في آيات عديدة مثل:
" لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة " آل عمران: 164

" يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر" النساء : 59

وقد عني المسلمون عناية عظيمة بالسنة النبوية، وكانت البداية بحفظها وتدوينها ثم تطور الأمر إلى نشأة وازدهار علوم الحديث ومنها علم الجرح والتعديل وعلم رجال الحديث وعلم مختلف الحديث وعلم علل الحديث.. وعلى الرغم من ذلك لا يزال العقل المسلم المعاصر يواجه بعض المشكلات المنهجية في التعامل مع السنة النبوية من جهة، كما لا تزال السنة تواجه أحقادا وضغائن قديمة تتجدد باستمرار تحت دعاوى زائفة من العلم والمنهج العلمي والحيادية، وتسعى لنفي حجية السنة وإقصائها عن دورها التشريعي وإلغائها من حياة المسلمين.

* * * *
يمثل كتاب " كيف نتعامل مع السنة النبوية" للقرضاوي أحد المعالم الهامة لاجتهاد العقل المسلم المعاصر في التعامل مع السنة الشريفة، والبؤرة الأساسية للكتاب هى وضع منهاج واضح له آليات محددة وأدوات معينة في التعامل مع السنة النبوية بغرض فهمها فهما جيدا وتفعيلها في حياتنا المعاصرة ومن ثم تحقيق دورها المنوط بها والمنشود في تشكيل وتوجيه حياتنا الواقعية والفكرية. وقراءة هذا الكتاب والاستفادة منه لابد أن يقوم أولا على إدراك أن هناك رسالة معينة وراء هذا الكتاب، وأن إعداده وتأليفه وإخراجه إلى الواقع استند إلى رؤية معينة تجاه السنة النبوية عموما تقوم على محاولة إحداث تغيير نوعي في مجرى الدراسات المتعلقة بعلوم الحديث وذلك بهدف التحقيق الفعلي لأن تكون السنة النبوية- مع القرآن الكريم- المصدر الأساسي للمعرفة والثقافة والحضارة في حياتنا المعاصرة، وسوف يساعدنا في إدراك هذه الرؤية الكامنة وإدراك هذه الرسالة الوقوف عند تصدير الكتاب للدكتور طه جابر علواني، وقد كتب علواني هذا التصدير بحكم كونه رئيسا للمعهد العالمي للفكر الإسلامي آنذاك، وكان للمعهد رؤية معينة ورسالة محددة أراد أدائها وإبلاغها للواقع الإسلامي المعاصر ولمستقبله بصدد السنة النبوية الشريفة، ورأى المعهد أن فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي خير من يعبر عن هذه الرؤية وخير من يبلغ الرسالة. هذه الرؤية تقوم على أن مسألة حجية السنة النبوية أمر مسلم به ومفروغ منه وأمر محسوم تماما، ويقول علواني إن الاحتجاج بسنة رسول الله قائم كالاحتجاج بكتاب الله تعالى منذ ظهور الإسلام، والمسلمون كلهم يعلمون حجية السنة ولا يسع مؤمنا بالله ورسوله قول خلاف ذلك، لكن الذي حدث أن بعض المسائل المتعلقة بالأخبار والسنن والأحاديث وطرائق الإخبار أدت بالمسلمين إلى جدل عجيب وخلط غريب في مسألة حجية السنة كما نرى في الانشغال بمسألة حجية أخبار الآحاد ، وقد شغل ذلك مساحات واسعة في الدراسات الأصولية والحديثية، وكان بالأولى- في نظر علواني- أن يوجه المسلمون جهودهم وأبحاثهم لمجالات فهم السنة وطرائق فهمها وبناء مناهج الاستفادة منها، وذلك لإيجاد دراسات ومناهج تيسر للمسلمين بناء أفكارهم وتصوراتهم وثقافاتهم ومناهج حياتهم وواقعهم تستوحي توجيهات السنة النبوية ودروسها. هذه المعارك المفتعلة حول حجية السنة وخاصة أخبار الآحاد أدت إلى آثار سلبية في حياة المسلمين، فمن جهة كرست الفرقة والاختلاف بينهم ومن جهة ثانية جعلت مباحث علوم الحديث مباحث نظرية لا أثر لها في قيادة الواقع المسلم وهدايته. وبناءا على هذه الرؤية فان المعهد يسعى إلى تحويل مسار الدراسات الأصولية والحديثية إلى منحى آخر، منحى القضايا التي لم تحسم بعد والتي سيكون لها أثر حاسم في توجيه وإرشاد الواقع الإسلامي المعاصر، وهي القضايا المتعلقة بفهم السنة النبوية ومنهج دراستها وتحليلها في سائر أبعادها وكيفية اتخاذها مصدرا للمعرفة والثقافة والحضارة الإسلامية، فتحديد أصول الإسلام ومصادره وفهم المسائل وتوضيح القضايا المتعلقة بها وتحديد مناهج فهمها يعتبر الأساس الأهم في بناء العقل المسلم وإعادة بناء الأمة ثقافيا وحضاريا.
* * * *
يقدم القرضاوي منهجه المقترح في التعامل مع السنة النبوية ويحدد سماته عبر فصول الكتاب والتي تندرج تحت ثلاثة أبواب رئيسية، وفي ثنايا الشرح النظري يختبر القرضاوي صحة أدواته المنهجية بتطبيقها على كثير من الأحاديث النبوية والتي هي محل للنظر والخلاف بين المسلمين.
يبدأ القرضاوي بتعريف ماهية السنة النبوية ومكانتها في الإسلام، وتحديد سماتها المميزة لها، ويمثل التعريف والتحديد هنا أول أداة لتمييز السنة النبوية عن غيرها والاحتفاظ لها بكيان محدد الملامح يستبعد عنه الآثار والأخبار المخالفة لروح السنة النبوية والتي قد تكون اختلطت بها غفلة أو قصدا.
والسنة النبوية تمثل المنهج العملي الإسلامي بخصائصه وأركانه وتتمثل في السنة القولية والفعلية والتقريرية، وتمثل الحكمة النبوية في بيان القرآن وشرح حقائق الإسلام وتعليمه للأمة. وتتميز السنة أو هذا المنهج العملي بسمات معينة فهي منهج شمولي، ومتوازن، ومتكامل، وواقعي، وميسر.
وعلى العقل المسلم أن يتخلص من آفات ثلاثة قبل البدء في التعامل مع السنة، هذه الآفات تمثل معوقات أمام الفهم الصحيح للسنة، وتمثل خطرا على الميراث النبوي وهي: 1- تحريف أهل الغلو: والمقصود الغلو الذي يخرج بالدين من وسطيته وسماحته ويسره. 2- انتحال أهل الباطل: يأس أهل الباطل أن يدخلوا تحريفاتهم إلى القرآن الكريم فظنوا أن الأمر يسير بالنسبة إلى السنة النبوية، لكن علماء الأمة قعدوا لهم كل مرصد ووضعوا شروطا وتشددوا فيها لقبول الأحاديث، لكن للأسف تسللت أباطيل وأحاديث موضوعة وراجت بين العوام رغم كذبها وبطلانها، مثل بعض الأحاديث المتعلقة بالمرأة مثل " دفن البنات من المكرمات" و" شاوروهن وخالفوهن"، وبعضها ضد عقيدة التوحيد مثل القول" لو اعتقد أحدكم في حجر لنفعه"، وللأسف تحفل كتب التصوف والمواعظ والرقائق بأمثال هذه الأحاديث الموضوعة. 3- تأويل أهل الجهل: هو تأويل من يلبسون رداء العلماء بينما هم جهلاء، وبسوء تأويلهم يدخلون في الدين ما ليس منه أو يخرجون منه ما هو من صلبه.
* * * *
والتعامل مع السنة له مبادئ أساسية لابد أن يجيدها المسلم ويطبقها ويسأل فيها العلماء الثقاة، وهذه المبادئ هي: 1- الاستيثاق من ثبوت السنة وصحتها، وذلك حسب الموازين العلمية الدقيقة التي وضعها العلماء. وهذا المبدأ يسير لأن المسلمين أعطوا للسنة النبوية حقها من العناية العلمية والبحث العلمي الدقيق حتى وصلت علوم الحديث إلى عشرات العلوم- عند ابن الصلاح 65 علما وعند السيوطي 93 علما- وهي كلها تسعى لتمحيص صحيح الحديث من سقيمه. لكن بعض هذه العلوم فيها مسائل خلافية لذا يجب حسم هذه المسائل، ويقترح القرضاوي الأخذ بأراء العلماء المتقدمين لأنهم كانوا أكثر شجاعة ودقة من المتأخرين في رفض الأحاديث الضعيفة.
2- حسن فهم النص النبوي وفق الدلالات اللغوية، وفي ضوء سياق الحديث وسبب وروده، وفي ظلال النصوص القرآنية والنبوية الآخرى، ووفقا للمقاصد الكلية للإسلام، وفي ضوء التفرقة بين ما جاء في السنة كتشريع له صفة العمومية وما جاء كتخصيص له صفة التأقيت.
3- سلامة النص النبوي من معارض أقوى: قد يكون هذا المعارض نصا قرآنيا أو نصوصا نبوية أخرى أوفر عددا أو أكثر ثبوتا، أو قد يكون المعارض أحد مقاصد الشريعة التي اكتسبت القطعية لأنها مستقاة من عدد وافر من النصوص والأحكام.
ويرفض القرضاوي رفضا تاما استخدام الأحاديث الموضوعة ويرفض التسامح الذي أبداه بعض العلماء تجاه استخدام تلك الاحاديث في باب فضائل الأعمال والرقائق والترغيب والترهيب، ويرى أن كل الفضائل التي ترغب فيها الأحاديث المكذوبة، وكل الرذائل التي تنفر منها يمكن لنا التوصل إليها بالأحاديث الصحيحة والحسان، فلا حاجة لنا بهذا الكذب والذي يعتبر هنا من أكبر الكبائر. وإذا كان استخدام تلك الاحاديث شاع قديما بين العوام فان آفة حديثة تنتشر بين من يعتبرون أنفسهم من النخبة والعلماء وهي آفة رد الحديث الصحيح، ويساوي القرضاوي بين قبول الحديث الموضوع ورفض الحديث الصحيح في الخطأ والخلل والخطر، وهؤلاء يردون الصحاح بالهوى والعجب والتعالم على الله ورسوله، وسوء الظن بعلماء الأمة في خير قرونها. ويضرب القرضاوي أمثلة لرفض بعض الأحاديث الصحيحة، ويقوم الرفض على سوء فهم وتعجل وافتراض معنى ما بعيد عن المعنى الحقيقي للحديث فيسرع المتعالم منهم في جرأة وبجاحة إلى رفض الحديث الصحيح، مثال الكاتب الذي رفض حديث" كان يأمرني فآتزر فيعاشرني وأنا حائض" لأنه يتعارض مع الآية القرآنية " يسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن"، ومثل رفض بعضهم حديث " اللهم احيني مسكينا وأمتني مسكينا واحشرني في زمرة المساكين"، كما رفض بعضهم حديث " إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها"، ومن عجائب رفضهم لبعض الصحاح رفضهم لحديث" بني الإسلام على خمس..". وقد فند القرضاوي كل مسألة وبين سوء فهم هؤلاء لهذه الأحاديث وبعدهم عن المعاني الصحيحة لها، وأثبت أنها احاديث صحاح. ولا يكتف القرضاوي بذلك، بل يفرد فقرة لموقف السيدة عائشة من بعض الأحاديث والتي رفضتها لظنها أنها مخالفة للقرآن أو لأصول الإسلام مثل موقفها من حديث تعذيب المرأة التي حبست الهرة ولم تطعمها، ويقول القرضاوي إن تعذيب المرأة لأن قلبها خلا من الرحمة ولا يدخل الجنة إلا رحيم، ويقول إن هذا الحديث مفخرة للإسلام في مجال القيم الإنسانية التي تحترم كل مخلوق حي، بالإضافة إلى أن الحديث رواه آخرون غير أبو هريرة والذي استنكرت السيدة عائشة روايته لهذا الحديث.

* * * *
يفرد القرضاوي فصلين لكيفية التعامل مع السنة النبوية في مجالي الفقه والدعوة وذلك بحكم أن هذين المجالين الأكثر استخداما لها.
السنة النبوية في مجال الفقه والتشريع: السنة النبوية هي المصدر الثاني للتشريع بعد كتاب الله عز وجل، وهي المورد الأوسع الذي ينهل منه جميع الفقهاء والمشرعين على اختلاف مدارسهم، ويرفض القرضاوي الزعم بأن مدرسة الرأى في العراق و مؤسسها أبو حنيفة لم تكن تأخذ بالحديث في التشريع، فالجميع أخذ من السنة واحتكم إليها. ومع أهمية وضرورة السنة للفقه إلا أنه هناك فجوة علمية بين المشتغلين بالفقه والمشتغلين بالحديث، ويجب على المشتغلين بالفقه إجادة علوم الحديث لأنهم يحتجون في أحكامهم للحلال والحرام والاستحباب بأحاديث قد لا تثبت أمام نقد صيارفة الحديث وعلمائه الخبيرين، بل قد تشيع بينهم أحاديث لا أصل لها. ويعطي القرضاوي أمثلة كثيرة لأحاديث مذكورة في كتب الفقه ضعيفة جدا أو ليس لها سند، ويطالب بضرورة مراجعة تراثنا الفقهي في ضوء ربطه بعلوم الحديث للنظر في الأحكام الفقهية التي بنيت على أحاديث ضعيفة لأن الحديث الضعيف لا يحكم ولا يبنى عليه تكليف حلال أو حرام. ويقوم بنفسه بمراجعة بعض الأحكام الفقهية التي قامت على أحاديث لا ترق إلى درجة الصحاح، ويرفض هذه الأحكام لأنها قامت على أساس خاطئ ويجتهد في مسائلها للوصول إلى أحكام أخرى تتفق مع نصوص القرآن ومع نصوص نبوية أخرى، وقد فعل ذلك في مسألتي دية غير المسلم ودية المرأة.

السنة في مجال الدعوة والتوجيه: تمد السنة مجال الدعوة بما يحتاجه من التوجيهات المشرقة والحجج الدامغة والحكم البالغة والكلم الجامعة والمواعظ المؤثرة والأمثال المعبرة والقصص الهادفة .. وهي تسير مع القرآن الكريم في مخاطبة الإنسان كله: عقله وقلبه وضميره.... لكن للأسف الشديد- حسب ما يقول الكاتب- فان بضاعة كثير من الدعاة والمرشدين الدينيين تعتمد على الأحاديث الواهية والموضوعة والمنكرة. وفي هذا الجزء يستكمل القرضاوي حملته الدامغة المستنكرة لاستعمال الأحاديث الضعيفة والمنكرة في صفحات طوال مليئة بالدلائل الشرعية والعقلية، وفي لغة قوية الحجة، ناصعة البرهان والبيان. ومن المهم هنا أن نتعرض ولو بإيجاز لأوجه نقده القوية. في البدء يطلب القرضاوي من الداعية أن يتحرى صحة الحديث عند استشهاده به، وهذا أمر مطلوب من أهل العلم جميعا ألا وهو الاعتماد على المصادر الموثوق والتحرر من الأحاديث الواهية والموضوعة والتي تمتلأ بها الكثير من الكتب الدينية، وينبغي على الداعية ألا ينخدع بشهرة الحديث وتداوله بين الناس لأن الكثير من المتداول لا أصل له أو موضوع أو شديد الضعف. ويتجاوز القرضاوي النهي والتحذير إلى بحث الأمر في أصله، بمعنى أنه يبحث عن المبرر الذي يستند إليه كثير من الدعاة في استعمال الأحاديث الضعيفة والواهية في خطبهم ودروسهم، فيجد قولا مطلقا شائعا فحواه أن جمهور العلماء يجيزون رواية الحديث الضعيف في فضائل الأعمال والرقائق والزهد والترغيب والترهيب والزهد ومما لا يتعلق بحكم شرعي من حل وحرمة وكراهة وإيجاب واستحباب، ويرد القرضاوي عليهم بأن الأمر ليس على هذا النحو من الإطلاق، ولم يقل أحد من علماء الحديث بجواز الرواية في مجال الترغيب والترهيب عن كل من دب وهب من الرواة، بل رفضوا الرواية عن المجهولين والمتهمين وفاحشي الغلط، وأجازوا الرواية عن البعض ممن في حفظهم ضعف ولين -وإن لم يكونوا من الرؤساء المشهورين في العلم- فهم لا ريبة في صدقهم وعدالتهم إنما الريبة في حفظهم وإتقانهم. وقد وضع بعض العلماء شروطا لقبول الضعيف هي : - ألا يكون شديد الضعف - أن يكون مندرجا تحت أصل عام - عند العمل بالضعيف لا يقال بثبوته حتى لا ينسب إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- ما لم يقله. ثم يقدم القرضاوي مجموعة من الحقائق تمثل ضوابط محكمة ودقيقة لإجازة الرواية عن الضعيف كما يلي: 1- هناك علماء قديما وحديثا لا يفرقون بين أحاديث الأحكام وأحاديث الترغيب والترهيب والرقائق ونحوها، ويقبلون في النوعين الحديث الصحيح والحديث الحسن فقط. 2- الشروط الثلاثة التي وضعت للأخذ بالضعيف لم يعمل بها -للأسف- الكثيرون. 3- نبه العلماء على أمر هام وهو ألا يقال في الحديث الضعيف: قال رسول الله، بصيغة الجزم والتوكيد، ويتجاهل الكثير من الوعاظ والمرشدين ذلك فيقولون قال رسول الله في روايتهم للحديث الضعيف. 4- إذا كان لدينا في موضوع ما حديث أو أكثر صحيح أو حسن، وفي نفس الموضوع حديث أو أكثر ضعيف، فيجدر بنا الاستغناء بالنوع الاول عن الثاني الضعيف. 5- تحتوي أحاديث الرقائق والترغيب والترهيب على أمر خطير وهو
" اختلال النسب " الموضوعة شرعا للتكاليف والأحكام، وهذه الاحاديث تعطي قيمة أكبر لبعض الأعمال الصالحة، أكبر من حجمها وأكثر مما تستحقه حتى تطغى على ما هو أهم منها في الدين، وأيضا على النقيض قد تعطي أهمية أكبر لأعمال محظورة وتشدد على العقاب فيها أكثر من أمور أخرى أهم منها.
6- العلماء الذين أجازوا رواية الضعيف بشروطه قصدوا بذلك الحث على عمل ثبت صلاحه بالأدلة الشرعية المعتبرة أو النهي عن عمل ثبت ضرره بالأدلة الشرعية المعتبرة، فالحديث الضعيف في حد ذاته لا يثبت صلاح العمل أو سوءه، وهذا ما يفعله المعاصرون الذين يثبتون العمل بالحديث الضعيف. 7- إذا قبلنا رواية الضعيف في الترغيب والترهيب بالشروط التي وضعها العلماء فيجب أن يضاف إليهما شرطان جديدان- أي أن القرضاوي هو الذي يقترحهما- وهما ألا يحتوي على مبالغات وتهويلات يرفضها الشرع أوالعقل أواللغة، وألا يتعارض هذا الحديث مع دليل شرعي أقوى منه.

* * * *
أغلب الضوابط السابقة يمكن إدراجها في ضرورة التثبت من صحة الحديث والرجوع إلى المصادر الموثوقة من كتب الصحاح والمسانيد، وعدم الانخداع بشهرة الحديث وكثرة تداوله بين الناس لأن بعض هذه الاحاديث لا أصل لها، كذلك ضرورة تنقية الكثير من المصادرالقديمة وخصوصا في مجال فضائل الأعمال والزهد والمليئة بالكثير من الموضوعات والمنكرات، وضرورة تطبيق معايير صارمة في مجال رواية الضعيف، وإن كان القرضاوي نفسه من أنصار عدم رواية الضعيف على الإطلاق وضرورة الاكتفاء بالصحيح والحسن، لكنه بخبرته بالواقع المعاش أدرك أن الكثيرين ممن يعملون في توجيه الناس ليسوا من أنصار هذا الرأى، لذا عمل على إحكام وتهذيب استعمال الضعيف مع رفضه التام للموضوعات وما لا أصل لها. لكن ماذا عن فهم الحديث نفسه بعد أن طبقنا الشروط والضوابط السابقة؟ كيف نفهم السنة النبوية وكيف نتعامل مع معانيها ومضامينها؟ تأتي الإجابات في الباب الأخير من الكتاب تحت عنوان " معالم وضوابط لحسن فهم السنة النبوية"، ويخصص لكل معلم فصلا كاملا.
المعلم الأول: فهم السنة في ضوء القرآن الكريم: القرآن الكريم هو أساس بنيان الإسلام ودستوره الأصلي والدائم.. والسنة شارحة هذا الدستور ومبينته، فهي الشرح النظري والتطبيق العملي له.. وعليه فلا يمكن للبيان أن يعارض المبين، ولا أن يناقض الفرع الأصل، ولهذا لا توجد سنة صحيحة ثابتة تعارض محكمات القرآن، وإذا وجدنا سنة نبوية تعارض القرآن وتناقضه تناقضا صريحا فلابد أن ندرك أنها مردودة وليست من السنة أصلا، وإنما وضع وكذب، ومثال ذلك حديث الغرانيق، ومثال حديث الوائدة والموءودة في النار.
الثاني: جمع الأحاديث الواردة في الموضوع الواحد: بحيث يرد متشابهها إلى محكمها، ويحمل مطلقها على مقيدها، ويفسر عامها بخاصها، وهكذا تفسر السنة بالسنة، ومثال ذلك تفسير المقصود من حديث إسبال الإزار من خلال مجموعة الاحاديث التي وردت فيه.
الثالث: الجمع أو الترجيح بين مختلف الحديث: الأصل في النصوص الشرعية ألا تتعارض لأن الحق لا يعارض الحق، فإذا وجد تعارض بين حديثين صحيحين يمكن الجمع بينهما بتأويل أحدهما، فإذا لم يمكن الجمع نعمل على ترجيح أحدهما واستبعاد الآخر.
الرابع: فهم الأحاديث في ضوء أسبابها وملابساتها ومقاصدها: السنة تعالج أحيانا مشكلات آنية وجزئية وفيها من التفاصيل ما ليس في القرآن، لذا يجب الانتباه فيها إلى ما هو مؤقت وما هو دائم، وما هو خاص وما هو عام، وما هو كلي وما هو جزئي.
الخامس: التمييز بين الوسيلة المتغيرة والهدف الثابت للحديث: يخلط الكثير بين الاثنين، مثلا التفاصيل الموجودة في الطب النبوي هي وسائل متغيرة أما الهدف الثابت فهو ضرورة المحافظة على الحياة والصحة العامة وضرورة التداوي من المرض وأيضا الحفاظ على الصحة العقلية و النفسية.
السادس: التفريق بين الحقيقة والمجاز في فهم السنة: للمجاز نصيب موفور في اللغة العربية، والنبي – صلى الله عليه وسلم- أبلغ من تكلم بها، لذا نجد في كلامه كثير من المجاز المعبر عن المعنى المقصود بأروع طريقة. وبعض الأحاديث تثير مشكلات إذا أخذت الألفاظ على دلالتها الحقيقية، أما إذا فهمت من جهة المجاز زال الإشكال وبرز معناها واضحا لا لبس فيه. مثل حديث شكوى النار إلى ربها، وحديث استعاذة الرحم بالله عز وجل. ويحذر القرضاوي من التوسع في تأويل المجاز كما يرفض أيضا إنكاره، كذلك يرفض تأويلات الباطنية وبعض التأويلات المعاصرة.
السابع: التفريق بين الغيب والشهادة: توسعت السنة في تفاصيل أمور غيبية كثيرة، والمعيار لنا في قبول أو رفض هذه السنة هو معيار ثبوت هذه السنة، فإذا ثبتت حسب قواعد العلماء وشروطها فهي سنة صحيحة وعلينا أن نقبل بما تقوله حتى وإن بدا مخالفا لما عهدناه وعرفناه، وقد قرر العلماء أن الدين قد يأتي بما يحار فيه العقول، ولكنه لا يأتي بما يحيله العقل.
الثامن: التأكد من مدلولات ألفاظ الحديث: ويحذر هنا من إسقاط معاني الألفاظ الجديدة على ألفاظ الحديث، فمع مرور الزمن وتغير الأحوال تزداد الشقة بين المدلول الشرعي الأصلي للفظ والمدلول العرفي أو الاصطلاحي المتأخر.
* * * *
هذا الكتاب العظيم بقواعده وضوابطه، بأمثلته ومناقشاته، ببراهينه وحججه، بنقده وتفنيده، بمبادئه الكلية النظرية وتفصيلاته الجزئية المستمدة من المصادر المختلفة للسنة النبوية، بأحكامه الحاسمة في بعض القضايا الخلافية، بهجومه الشامل شرعيا وعقليا على استخدام الأحاديث الضعيفة والموضوعة والمنكرة، بأدواته المنهجية لفهم السنة وسبر أغوارها والغرف من كنوزها، بمناهجه لإخراج السنة النبوية إلى مكانتها اللائقة في تشكيل وتوجيه وإرشاد حياتنا الإسلامية المعاصرة...يستحق بل ويجب أن يقرأه كل مسلم، بل قراءته فرض عين على كل من تصدر للمسلمين بالدرس والعظة والإرشاد والفقه. وأحسب أن عرضي هذا يقصر بشدة عن إيفاء ما لهذا الكتاب من قيمة وأهمية، لكن يكفيني أن يكون دافعا لقارئه أن يقرأ الكتاب بنفسه.
________________

خواطر لمصطفى السباعي يرحمه الله

خواطر لمصطفى السباعي يرحمه الله



بسم الله الرحمن الرحيم
شبكة المعالي الإسلامية
الإعلام المقروء

يقدم :


هكذا علمتني الحياة
القسم الأول
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي قدر كل شيء فأحسن قدره، وابتلى الإنسان بما يسرّه وما يسوؤه ليحسن في الحالتين شكره وصبره، وجعل لعبده مما يكره أملاً فيما يحب، ومما يحب حذراً مما يكره، فسبحانه واهب النعم، ومقدر النقم، له الحمد في الأولى و الآخرة، لا إله إلا هو كل شيء هالك إلا وجهه. وكل نعيم زائل إلا جنته، وصلى الله على سيدنا محمد الذي أوذي في سبيل الله أبلغ إيذاء، فلم يزده ذلك إلا إيماناً ومضاءً، وعلى آله وصحبه الذين كانوا في السراء حامدين شاكرين، وفي الضراء خاضعين صابرين، وسلم تسليماً كثيراً.
وبعد فهذه خطرات بدأت تسجيلها وأنا في مستشفى المواساة بدمشق في شهر ذي القعدة من عام 1381 للهجرة الموافق لشهر نيسان (إبريل) من عام 1962 للميلاد، وكنت بدأت بتسجيلها لنفسي حين رأيتني في عزلة عن الأهل والولد، والتدريس والتأليف، وتلك هي عادتي في السجون والأمراض والأسفار، غير أني فقدت كل ما دونته من قبل، فلما بدأت بتسجيل خواطري في هذه المرة، وكان يزورني بعض إخواني فيراني مكبا على الكتابة، أبدى عجبه من أمري، فقد أجمع كل الأطباء الذين يشرفون على علاجي في بلادنا وفي بلاد الغرب أن من الواجب أن أركن إلى الراحة التامة، فلا أقرأ ولا أكتب، ولا أشغل بالي بمشكلات الحياة وهمومها، حتى يقدر لي الشفاء من مرض كان سببه الأول _في رأيهم_ إرهاق الأعصاب بما لا تتحمله، وقد صبرت أعصابي على إرهاقي لها بضع عشرة سنة حتى ناءت بجمل ما أحمّلها من هموم وأحزان، فكان منها أن أعلنت احتجاجها بإيقافي عن النشاط والعمل إيقافاً تاماً بضعة شهور، ثم استطعت من بعدها أن أعود إلى نشاطي الفكري في التدريس والتأليف برغم إلحاح الأطباء عليّ بترك ذلك، ولكني لم أستطع اتباع نصائحهم لظروف شتى لا قبل لي بدفعها، حتى إذا دخلت المستشفى أخيراً بعد إلحاح المرض عليّ واشتداد الآلام، كان المفروض أن أقف مضطراً عن الكتابة لولا أني وجدت نفسي مسوقاً إلى تسجيل خواطري التي لم يكن لي يد في إيقاف تواردها. وأقرب ما يكون الإنسان إلى التفكير، أبعد ما يكون عن الشواغل والمزعجات.
فلما رأى مني بعض أصدقائي ذلك، قرأت لهم بعض ما كتبت كالمعتذر عن مخالفة نصائح الأطباء، فاستحسنوه، وكان أمر بعضهم أن أخذ يتردد عليّ يومياً ليسمع ما استجد من خواطري، ثم غادرت المستشفى فتابعت تسجيل هذه الخواطر في فترات متقطعة كانت تدفعني إليها مناسبات الأحداث. إلى أن تجمع لي منها قدر كافٍ رأيت من الخير الاستجابة إلى رغبات بعض إخواني في نشرها رجاء النفع والفائدة إن شاء الله.
-2-
لقد دونت هذه الخواطر كما وردت، غير مرتبة ولا مبوبة، فقد كنت أرى المنظر فيوحي إليّ بالخاطرة أو بأكثر فأدونها، ثم أرى منظراً آخر فأدون ما خطر لي تعليقاً عليه، وكنت أحياناً أتذكر ما مضى من حياتي مع الناس فأكتب ما استفدت من تجاربي معهم، وهكذا جاءت هذه الخواطر مختلطاً بعضها ببعض، يوحي إليً الأمر الذي أود التعليق عليه بخواطر مسلسلة فأكتبها يردف بعضها بعضا كما يرى القارئ في بعض المواضع. وأياً ما كان فأنا أعرضها كما كتبتها دون أن أعيد النظر في ضم النظير إلى نظيره، والموضوع إلى شبيهه، لغرضين اثنين:
أولاً- أن تكون صورة صادقة عن تفكيري خلال بضعة شهور قضيتها منقطعاً عن الناس ما بين المستشفى والبيت.
ثانياً- أن يكون في انتقال الخواطر من موضوع إلى موضوع، ما يلذ للقارئ متابعتها، فقد تمل النفس من موضوع واحد يتتابع فيه الكلام على نسق واحد، ولكنها تنشط حين تنتقل في الحديقة من زهرة إلى زهرة، ومن ثمرة إلى أخرى.
-3-
إن هذه الخواطر هي خلاصة تجاربي في الحياة، لم أنقل شيئاً منها من كتاب، ولا استعنت فيها بآراء غيري من الناس، وأعتقد أن من حق الجيل الذي أتى بعدنا أن يطلع على تجاربنا، وأن يستفيد من خبرتنا إذا وجد فيها ما يفيد، وهذا خير ما نقدمه به من هدية، إننا لا نستطيع أن نملي عليه آراءنا إملاءً، وليس ذلك من حقنا ، وإنما نستطيع أن نقدم له النصح والموعظة، وخير النصح ما أعطته الحياة نفسها، وأبلغ الموعظة ما اتصل بتجارب الحياة ذاتها، والناس وإن اختلفت مشاربهم وعقولهم وطباعهم، فإنهم يلتقون على كثير من حقائق الحياة، ويجتمعون على كثير من الرغبات والحاجات والأهداف.
وإني إنما أقدم هذه التجارب لمن عاش في مثل تفكيرنا وأهدافنا ومطامحنا ومقاييسنا فهؤلاء الذين ينفعون بها، أما الذين يخالفوننا في العقيدة أو الاتجاه فقلّ أن يستفيدوا منها، ولا أعتقد أنهم يستطيعون الصبر على كثير مما جاء فيها من خواطر وأفكار، فمن أجل أولئك نشرت ما كتبت، أما هؤلاء المخالفون لنا في الاتجاه والنظرة إلى حقائق الحياة ومشكلاتها، فكل ما أرجو أن يستمعوا إليه، وأن يقرؤوه على أنه يمثل وجهة نظر في مشاكل مجتمعنا الذي نعيش فيه، ولا سبيل إلى إنصاف مخالفك في الرأي إلا أن تستمع إليه وترى ما عنده، فقد تجد فيما تسمع –إن كنت طالباً للحق– بعض الصواب الذي كنت تظنه خطأ، وبعض الحق الذي كنت تراه باطلاً، وقد مدح الله عباده المؤمنون "الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه".
-4-
هذا وقد كانت خواطري التي أقدم أكثرها اليوم في هذا الكتاب ممزوجة بخواطر سياسية أوحت بها ظروفنا السياسية، فجردتها من هذه الخواطر الاجتماعية، رجاء أن يقرأ هذه من اختلف معنا في الاتجاه السياسي ومن وافقنا، وأرجأت نشر تلك الخواطر السياسية إلى فرصة أخرى أرجو أن تكون الظروف فيها ملائمة لنشرها أكثر من ظروفنا الحاضرة، وأن تكون النفوس فيها مستعدة لقبول النقد والحكم لها أو عليها أكثر مما هي مستعدة اليوم. وبخاصة أنا في مرضي لا أريد إثارة الخصومات السياسية في وقت أرى أن ظروف بلادنا لا تسمح بإثارتها، وأن حالتي المرضية لا تسمح لي بالدخول في نقاش أو جدل حول ما كتبته فيها.
وليس معنى هذا أن ما في هذا الكتاب لا يثير عليّ بعض الخصومات، ولكني أرى ما تثيره بعض خواطري في هذا الكتاب من خصومات، شيئاً أتقرب به إلى الله عز وجل، فالخصومات السياسية كثيراً ما لا يثاب الإنسان عليها، أما الخصومات الفكرية –وبخاصة ما يتعلق منها بالدين والإصلاح الاجتماعي– فهي لا بد واقعة، والثواب فيها متوفر إن شاء الله لمن لم يبغ في نقده إلا وجه الحق، وتخليص الناس من الأباطيل والأوهام..
-5-
وأنا في هذه الخواطر لم أحاول الغموض في صياغتها، ولا التحدث عن المعاني الدقيقة التي تخطر في بال الفلاسفة، ويدعيها بعض المتفلسفين، لقد كتبتها بأسلوب أفهمه العامة كما تفهمه الخاصة، وكنت فيها منساقاً مع طبيعتي التي تحب البساطة في كل شيء، وتكره العقيدة في أي شيء.
إنني لست في هذه الخواطر فيلسوفاً ولا حكيماً ولا مفكراً بعيد الغور في الوصول إلى الحقائق، ولكنني صاحب تجارب عملية في الحياة استغرقت من عمري أكثر من ربع قرن، وقد أحببت نقلها إلى من ينتفعون بما نكتب، ويتأثرون بخطانا فيما نفكر، وليس يهمني أن أبدو في نظرهم متفلسفاً، أو أديباً متأنفاً، وإنما يهمني أن أبدو لهم أخاً مرشداً ناصحاً يقول ما يفهمون، ولا يعنتهم في تدبر ما يقرؤون.
على أني أعترف أن كثيراً من الخواطر المنثورة في هذا الكتاب تحتمل معاني كثيرة وقد تحتاج إلى شرح يبين المقصود منها، وقد أبقيتها على ما هي عليه من الشمول لتحتمل كل ما تحتمله من معاني، وتركت للأخ القارئ أن يفهمها أو يفهم منها ما يشاء ما دام لفظها يحتمل فهمه ويدل عليه.
-6-
وقد جاء في بعض الخواطر كلمات "منظومة" ولا أقول قصائد شعرية، فلست بالشاعر وليست عندي وهبة الشعر وسليقته، وإن كان لي ميل إليه، وبقراءته هوى، ولكنها خواطر "منظومة" جاءتني عفواً دون تعمّد، فتركت نفسي على سجيتها، تعبر عما تريد بالأسلوب الذي تريد، فهذا هو عذري فيما أثبته من "منظومات" لا تطرب الشعراء، ولا تهز أسماعهم، وحسبي أني طربت لها حين جاءت على لساني هكذا، فخشيت إن أهملت إثباتها في هذه الخواطر، أن يضيع على القارئ بعض ما فيها من خواطر وجدانية، وانفعالات نفسية، فرأيت أن أشركه معي فيها على أن يعلم أنها ليست –في نظري- شعراً أعتدّ به بل خواطر أرتاح إليها.
-7-
وأحب أن أنبه أيضاً إلى أنني فيما أوردت من خواطر تتناول فئات من الناس، لم أقصد أشخاصاً معينين، وإنما قصدت كل من اتصف بتلك الصفات، فالخواطر المتعلقة بهم خواطر نحو صفات معينة، لا أشخاص معينين، وأعوذ بالله من أن يكون في قلبي حقد نحو أحد، أو عندي رغبة في التشهير بإنسان مهما اختلفت معه في اتجاهه وسلوكه.
ولست أقول كما قال أبو الطيب المتنبي:
ومن عرف الأيام معرفتي بها وبالناس روَّى رمحه غير راحم
فلا هو مرحوم إذا ظفروا به ولا في الردى الجاري عليهم بآثم
ولكني أقول: إن من بلغ من العمر ما بلغت (سبعاً وأربعين سنة) وأصابه من المرض ما أصابني (خمس سنين وبضعة شهور)وعرف الناس معرفتي بهم، يرى نفسه أكرم من أن يحمل حقداً أو عداوة شخصية يجري وراءها متقطع الأنفاس.
لقد هانت عليّ الدنيا بما فيها من اللذائذ، وما تحتويه من عوامل الحسد والحقد والكراهية، ولم يبق في نفسي –شهد الله- إلا رغبة في الخير وأفعله وأدل عليه، وإعراض عن الشر أهجره وأحذر منه، أما الأشخاص فنحن كلنا زائلون، ولن يبقى إلا ما أبتغي به وجه الله، أو قصد منه نفع الناس، وسيجزي الله كل إنسان على ما قدم من عمل، ونحن جميعاً –من ظالمين ومظلومين، ومتخاصمين ومتحابين- أحوج ما نكون حينئذٍ إلى عفو الله ورحمته ورضوانه.
إلى ديّان يوم الدين نمضي وعند الله تجتمع الخصوم
-8-
وبعد فهذا ما أحببت أن أبنيه للقارئ مما يعتلج في نفسي من خواطر نحو هذه الخواطر، وإني لأرجو الله تبارك وتعالى أن ينتفع بها فيما أصبت فيه، وأن يغفر لي منها ما أخطأت فيه، وأن يجعل ثواب ذلك في عداد حسناتي يوم العرض عليه "يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم" "يوم لا تملك نفس لنفس شيئاً والأمر يومئذٍ لله" والحمد لله رب العالمين.
دمشق 1من جمادى الآخرة 1382
  29من تشرين الأول 1962
        مصطفى السباعي

من أمراض هذه الحضارة
1- من مفاسد هذه الحضارة أنها تسمّي الاحتيال ذكاءً، والانحلال حرية، والرذيلة فناً، والاستغلال معونة.

شر من الحيوان
2- حين يرحم الإنسان الحيوان وهو يقسو على الإنسان يكون منافقاً في ادعاء الرحمة، وهو في الواقع شر من الحيوان.

مقياس السعادة الزوجية
3- الحد الفاصل بين سعادة الزوج وشقائه هو أن تكون زوجته عوناً على المصائب أو عوناً للمصائب عليه.

بلسم الجراح
4- نعم بلسم الجراح الإيمان بالقضاء والقدر.

أخطر على الدين
5- الذين يسيئون فهم الدين أخطر عليه من الذين ينحرفون عن تعاليمه، أولئك يعصون الله وينفّرون الناس من الدين وهم يظنون أنهم يتقرّبون إلى الله، وهؤلاء يتبعون شهواتهم وهم يعلمون أنهم يعصون الله ثم ما يلبثون أن يتوبوا إليه ويستغفروه.

آكل الدنيا بالدين
6- قاطع الطريق أقرب إلى الله وأحب إلى الناس من آكل الدنيا بالدين.

المبدأ النبيل
7- كل مبدأ نبيل إذا لم يحكمه دين سمح مسيطر، يجعل سلوك صاحبه في الدنيا غير نبيل.

الرحمة خارج حدود الشريعة
8- الرحمة خارج حدود الشريعة مرض الضعفاء أو حيلة المفلسين.

إذا كنت تحب…
9- إذا كنت تحب السرور في الحياة فاعتن بصحتك، وإذا كنت تحب السعادة في الحياة فاعتن بخلقك، وإذا كنت تحب الخلود في الحياة فاعتن بعقلك، وإذا كنت تحب ذلك كله فاعتن بدينك.

هذا الإنسان!
10- هذا الإنسان الذي يجمع غاية الضعف عند المرض والشهوة، وغاية القوّة عند الحروب وابتكار وسائل البناء والتدمير، هو وحده دليل على وجود الله.

المرض مدرسة!
11- المرض مدرسة تربوية لو أحسن المريض الاستفادة منها لكان نعمة لا نقمة.

لا تحتقرن أحداً
12- لا تحتقرن أحداً مهما هان.. فقد يضعه الزمان موضع من يرتجى وصاله وتخشى فعاله.

أوهام مع العلم
13- لم تعش الإنسانية في مختلف عصورها كما تعيش اليوم تحت ركام ثقيل من الأوهام والخرافات برغم تقدم العلم وارتياد الفضاء.

جهل خير من علم!
14- إذا لم يمنع العلم صاحبه من الانحدار كان جهل ابن البادية علماً خيراً من علمه.

ما هو العلم؟
15- ليس العلم أن تعرف المجهول.. ولكن.. أن تستفيد من معرفته.

أكثر الناس خطراً على…
16- أكثر الناس خطراً على الأخلاق هم علماء "الأخلاق" وأكثر الناس خطراً على الدين هم "رجال الدين".

حسن الخلق
17- حسن الخلق يستر كثيراً من السيئات، كما أن سوء الخلق يغطّي كثيراً من الحسنات.

الرعد والماء
18- الرعد الذي لا ماء معه لا ينبت العشب، وكذلك العمل الذي لا إخلاص فيه لا يثمر الخير.

الغنى والفقر
19- القناعة والطمع هما الغنى والفقر، فربَّ فقير هو أغنى منك، وربَّ هني هو أفقر منك..

الجمال والفضيلة
20- الجمال الذي لا فضيلة معه كالزهر الذي لا رائحة فيه.

الاعتدال في الحب والكره
21- لا تفرط في الحب والكره، فقد ينقلب الصديق عدواً والعدو صديقاً.

الأخيار والأشرار
22- إذا لم يحسن الأخيار طريق العمل سلَّط الله عليهم الأشرار.

انصح…
23- انصح نفسك بالشك في رغباتها، وانصح عقلك بالحذر من خطواته، وانصح جسمك بالشحِّ في شهواته، وانصح مالك بالحكمة في إنفاقه، وانصح علمك بإدامة النظر في مصادره.

لا يغلبنك الشيطان
24- لا يغلبنَّك الشيطان على دينك بالتماس العذر لكل خطيئة، وتصيَّد الفتوى لكل معصية،فالحلال بين، والحرام بيِّن، ومن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه.

لا بد للخير من جزاء..
25- أنفقت صحتي على الناس فوجدت قليلاً منهم في مرضي، فإن وجدت ثوابي عند ربي تمت نعمته عليَّ في الصحة والمرض.
من يفعل الخير لا يعدم جوازي لا يذهب العرف بين الله والناس

الشهوة الآثمة والمباحة
26- الشهوة الآثمة حلاوة ساعة ثم مرارة العمر، والشهوة المباحة مرارة ساعة ثم حلاوة الأبد..

الجبن والشجاعة
27- بين الجبن والشجاعة ثبات القلب ساعة.

لا يخدعنك الشيطان
28- لا يخدعنك الشيطان في ورعك، فقد يزهدك في التافه الحقير، ثم يطعمك في العظيم الخطير، ولا يخدعنك في عبادتك فقد يحبب النوافل، ثم يوسوس لك في ترك الفرائض.

المرض من غير ألم..
29- ما أجمل المرض من غير ألم!.. راحة للمراهقين والمتعبين..

لولا الألم
30- لولا الألم لكان المرض راحة تحبب الكسل. ولولا المرض لافترست الصحة أجمل نوازع الرحمة في الإنسان، ولولا الصحة لما قام الإنسان بواجب ولا بادر إلى مكرمة، ولولا الواجبات والمكرمات لما كان لوجود الإنسان في هذه الحياة معنى.

الطاعة والتقوى
31- ما ندم عبد على طاعة الله، ولا خسر من وقف عند حدوده، ولا هان من أكرم نفسه بالتقوى..

برد ونار!
32- يكفيك من التقوى برد الاطمئنان، ويكفيك من المعصية نار القلق والحرمان

شتان!
33- انتماؤك إلى الله ارتفاع إليه، واتباعك الشيطان ارتماء عليه، وشتان بين من يرتفع إلى ملكوت السموات، وبين من يهوي إلى أسفل الدركات.

شرار الناس
34- شرار الناس صنفان، عالم يبيع دينه لحاكم، وحاكم يبيع آخرته بدنياه.

أعظم نجاح!
35- أعظم نجاح في الحياة أن تنجح في التوفيق بين رغباتك وبين رغبات زوجتك.

طول الحياة وقصرها
36- الحياة طويلة بجلائل الأعمال، قصيرة بسفاسفها.

مطية الراحلين إلى الله!
37- العمل والأمل هما مطية الراحلين إلى الله.

مسكين!
38- لا يعرف الإنسان قصر الحياة إلا قرب انتهائها.

سنة الحياة
39- من سنة الحياة أن تعيش أحلام بعض الناس على أحلام بعض، ولو تحققت أحلامهم جميعاً لما عاشوا.

مقارنة!
40- إنما يتم لك حسن الخلق بسوء أخلاق الآخرين..

حوار بين الحق والباطل
41- تمشى الباطل يوماً مع الحق
فقال الباطل: أنا أعلا منك رأساً.
قال الحق: أنا أثبت منك قدماً.
قال الباطل: أنا أقوى منك.
قال الحق: أنا أبقى منك.
قال الباطل: أنا معي الأقوياء والمترفين.
قال الحق: وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها وما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرون..
قال الباطل: أستطيع أن أقتلك الآن.
قال الحق: ولكن أولادي سيقتلونك ولو بعد حين.

من عجيب شأن الحياة
42- من عجيب شأن الحياة أن يطلبها الناس بما تقتلهم به.

مثل الحياة
43- الحياة كالحسناء: إن طلبتها امتنعت منك، وإن رغبت عنها سعت إليك.

يقظة وغفلة
44- ما عجبت لشيء عجبي من يقظة أهل الباطل واجتماعهم عليه، وغفلة الحق وتشتت أهوائهم فيه!

الباطل والحق
45- الباطل ثعلب ماكر، والحق شاة وادعة، ولولا نصرة الله للحق لما انتصر على الباطل أبدأً.

الفضيلة
46- الفضيلة فرس جموح لا تنقاد إلا للمتكمنين منها.

الشجاعة
47- ليست الشجاعة أن تقول الحق وأنت آمن، بل الشجاعة أن تقول الحق وأنت تستثقل رأسك!

السعادة
48- السعادة راحة النفس وطمأنينة الضمير، ولكل أناس مقاييسهم في ذلك.

العقائد بين الحب والحقد
49- العقائد التي يبينها الحقد يهدمها الانتقام، والعقائد التي يبنيها الحب يحميها الإحسان.

الترفيه
50- المؤمن يرفه عن جد الحياة بما ينعش روحه، وبذلك يعيش حياته إنساناً كاملاً، وغير المؤمن يرفه عن جد الحياة بما يفسد إنسانيته، وبذلك يعيش حياته نصف إنسان.

التوكل والتواكل
51- قال التوكل: أنا ذاهب لأعمل، فقال النجاح: وأنا معك..
وقال التواكل: أنا قاعد لأرتاح، فقال البؤس: وأنا معك..

الصدق والكذب
52- الصدق مطية لا تهلك صاحبها وإن عثرت به قليلاً، والكذب مطية لا تنجي صاحبها وإن جرت به طويلاً.

سر النجاح
53- سر النجاح في الحياة أن تواجه مصاعبها بثبات الطير في ثورة العاصفة.

لولا الإيمان
54- الحياة لولا الإيمان لغز لا يفهم معناه.

الثبات
55- كن في الحياة كما وضعتك الحياة مع الارتفاع دائماً.

جمال الحياة
56- من عرف ربه رأى كل ما في الحياة جميلاً.

القوة والضعف
57- القوة هي ترك العدوان مع توفر أسبابه، والضعف هو الطيش عند أقل المغريات.

المؤمن والمعصية
58- ليس المؤمن هو الذي لا يعصي الله، ولكن المؤمن هو الذي إذا عصاه رجع إليه.

بين النبوة والعظمة
59- الفرق بين النبوة والعظمة هو أن مقاييس الكمال في النبوة يقاس بمن في السماء ويا ما أكملهم! ومقاييس الكمال في النبوة تقاس بمن في الأرض ويا ما أسوأهم!

نور وتراب
60- النبوة سماء تتكلم نوراً والعظمة تراب يصّعّد غروراً، إلا العظمة المستمدة من النبوة فإنها نور من الأرض يتَّصل بنورٍ من السماء.

دواب الشيطان
61- إن للشيطان دواب يمتطيها ليصل بها إلى ما يريد من فتنة الناس وإغوائهم، منها: علماء السوء، ومنها جملة المتصوفة وزنادقتهم، ومنها المرتزقون بالفكر والجمال، ومنها الآكلون باللحى والعمائم، وأضعف هذه الدواب وأقصرها مدى مجرمو الفقر والجهالة والتشرد..

جنود الحق
62- إن للحق جنوداً يخدمونه، منهم الباطل.

أدوات الشفاء
63- إذا اجتمع لمريض الهموم والأعباء: ركون إلى الله، وتذكّر لسيرة رسول الله وجو مرح، ونغم جميل، وسمَّار ذوو أذواق وفكاهة، فقد قطع الشوط الأكبر نحو الشفاء.

قيثارة الشيطان وحبالته ودنانيره
64- الفنّ قيثارة الشيطان، والمرأة حبالته، وعلماء السوء دراهمه ودنانيره.

لذة..
65- لذة العابدين في المناجاة، ولذة العلماء في التفكير، ولذة الأسخياء في الإحسان، ولذة المصلحين في الهداية، ولذة الأشقياء في المشاكسة، ولذة اللئام في الأذى، ولذة الضالين في الإغواء والإفساد.

الله
66- العاقل يرى الله في كل شيء: في دقة التنظيم، وروعة الجمال، وإبداع الخلق، وعقبة الظالمين.

القضاء والقدر
67- القضاء والقدر سر التوحيد، ومظهر العلم، وصمام الأمان في نظام الكون.

وجودك دليل وجوده
68- دلّك بجهلك على علمه، وبضعفك على قدرته، وببخلك على جوده، وبحاجتك على استغنائه، وبحدوثك على قدمه، وبوجودك على وجوده، فكيف تطلب بعد ذلك دليلاً عليه؟

كيف؟ وأين؟
69- كيف يعصيه عبد شاهد قدرته؟ وأين يفر منه عبد يجده قبله وبعده؟ ومتى ينساه عبد تتوالى نعمه عليه؟

ستر الله أوسع
70- لو أعطانا القدرة على أن نرى الناس بما تدل عليه أعمالهم لرأى بعضنا بعضاً ذئاباً أو كلاباً أو حميراً أو خنازير، ولكن ستر الله أوسع.

الاستقامة
71- الاستقامة طريق أولها كرامة، وأوسطها سلامة، وآخرها الجنة.

الدنيا
72- هذه الدنيا أولها بكاء، وأوسطها شقاء، وآخرها فناء، ثم إما نعيم أبداً وإما عذاب سرمداً.

العاقلة والحمقاء
73- المرأة العاقلة ملك ذو جناحين تطير بزوجها على أحدهما، والمرأة الحمقاء شيطان ذو قرنين تنطح زوجها بأحدهما.

العاقل والأحمق
74- العاقل يشعل النار ليستدفئ بها والأحمق يشعلها ليحترق بها.

أين يسكن الخير
75- سأل الخير ربه: أين أجد مكاني؟ فقال: في قلوب المنكسرين إليّ، المتعرفين عليّ!

التفاؤل
76- إذا نظرت بعين التفاؤل إلى الوجود رأيت الجمال شائعاً في كل ذراته، حتى القبح تجد فيه جمالاً..

القناعة
77- لا يكن همُّك أن تكون غنياً، بل أن لا تكون فقيراً، وبين الفقر والغنى منزلة القانعين.

جناحان
78- طر إلى الله من جناحين من حب له، وثقة به.

القلب الممتلئ
79- الصندوق الممتلئ بالجواهر لا يتسع للحصى، والقلب الممتلئ بالحكمة لا يتسع للصغائر.

الحظوظ
80- قد تخدم الحظوظ الأشقياء ولكنها لا تجعلهم سعداء، وقد تواتي الظروف الظالمين ولكنها لا تجعلهم خالدين.

نعمة العقل
81- الصغار والمجانين لا يعرفون الأحزان، ومع ذلك فالكبار العقلاء أسعد منهم.

الآلام
82- الآلام طريق الخلود لكبار العزائم، وطريق الخمول لصغارها.

العاقبة
83- إنما تحمد اللذة إذا أعقبت طيب النفس، فإن أعقبت خبثاً كانت سماً.

حقيقة اللذة والألم
84- اللذة والألم ينبعثان من تصور النفس لحقيقتهما، فكم من لذة يراها غيرك ألماً، وكم من ألم يراه غيرك لذة.

الألم امتحان
85- الألم امتحان لفضائل النفس وصقل لمواهبها.

الألم واللذة
86- لولا الألم لما استمتع الإنسان باللذة.
87- قلَّ أن تخلو لذة من ألم، أو ألم من لذة.

الإيمان
88- الإيمان يعطينا في الحياة ما نكسب به قلوب الناس دائماً: الأمانة والصدق، والحب، وحسن المعاملة.

المغرور
89- المغرور إنسان نفخ الشيطان في دماغه، وطمس من بصره، وأضعف من ذوقه، فهو مخلوق مشوّه.

الكذاب والخائن
90- لا يكذب من يثق بنفسه، ولا يخون من يعتز بشرفه.

الحق والحب
91- بالحق خلقت السموات والأرض وبالحب قامتا.

رائحة الجنة
92- من أحبه الأخيار من عباد الله استطاع أن يشمَّ رائحة الجنة.

إذا أردت أن تعرف
93- إذا أردت أن تعرف منزلتك عنده فانظر: أين أقامك؟ وبم استعملك؟

معنى العبادة
94- العبادة رجاء العبد سيده أن يبقيه رقيقاً.

المؤمن والكافر
95- المؤمن حر ولو كبِّل بالقيود، والكافر عبد ولو خفقت له البنود.
من علامة رضاه
96- من علامة رضاه عنك أن يطلبك قبل أن تطلبه، وأن يدلك عليه قبل أن تبحث عنه.

الحاجة إليه
97- علم أنك لا تصفو مودتك له فأحوجك إليه لتقبل بكل ذاتك عليه.

الطائر السجين
98- كم من طائر يظن انه يحلِّق في السماء وهو سجين قفصه، أولئك المفتونون من علماء السوء.

الصحة والمرض
99- إذا أمرضك فأقبلت عليه فقد منحك الصحة، وإذا عافاك فأعرضت عنه فقد أمرضك.

الأنس بالله
100- إذا أوحشك من نفسك وآنسك به فقد أحبَّك.

علامة القبول
101- إذا قبلك نسب إليك مالم تفعل، وإذا سخطك نسب إلى غيرك ما فعلت.

الإخلاص
102- إذا كان لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً لوجهه إننا إذاً لهالكون.

موثق ومعتق
103- عبد الذنب موثق وعبد الطاعة معتق.

عبد العبد وعبد السيد
104- عبد العبد يستطيع فكاك نفسه بالمال، وعبد السيد لا يستطيع فكاك نفسه إلا بالأعمال.

المعصية والطاعة
105- المعصية سجن وشؤم وعار، والطاعة حرية ويمن وفخار.

لحظات!
106- بين المعصية والطاعة صبر النفس عن هواها لحظات.

بين صبرين
107- الصبر على الهوى أشق من الصبر في المعركة وأعظم أجرأً، فالشجاع يدخل المعركة يمضغ في شدقيه لذة الظفر، فإذا حمي الوطيس نشطت نفسه وزغردت، والمؤمن وهو يصارع هواه يتجرَّع مرارة الحرمان فإذا صمَّم على الصبر ولّت نفسه وأعولت، والشجاع يحارب أعداءه رياءً وسمعة وعصبية واحتساباً، ولكن المؤمن لا يحارب أهواءه إلا طاعة واحتساباً.

مناجاة!
108- يا رب إذا كان في أنبيائك أولو العزم وغير أولي العزم وجميعهم أحباؤك، أفلا يكون في عبادك أولو الصبر وغير أولي الصبر وجميعهم عتقاؤك؟

مناجاة!
109- إلهي! وعزتك ما عصيناك اجتراءً على مقامك، ولا استحلالاً لحرامك، ولكن غلبتنا أنفسنا وطمعنا في واسع غفرانك، فلئن طاردنا شبح المعصية لنلوذنَّ بعظيم جنابك، ولئن استحكمت حولنا حلقات الإثم لنفكنها بصادق وعدك في كتابك، ولئن أغرى الشيطان نفوسنا باللذة حين عصيناك، فليغرين الإيمان قلوبنا للتائبين من فسيح جنانك، ولئن انتصر الشيطان في إغوائه، ليصدقن الله في رجائه.

لم لا ينشرون فضائل الرسول؟
110- إذا أحب الناس إنساناً كتموا عيوبه ونشروا حسناته، فكيف لا ينشر الناس فضائل رسولهم وليست له عيوب؟

رسول الله والأنبياء
111- لئن شق موسى بحراً من الماء فانحسر عن رمل وحصى، فقد شقَّ محمد صلى الله عليه وسلم بحوراً من النفوس فانحسرت عن عظماء خالدين، ولئن ردَّ الله ليوشع شمساً لا تغيب مدى الحياة، ولئن أحيا عيسى الموتى ثم ماتوا فقد أحيا محمد أمماً ثم لم تمت..

إذا امتلأ القلب
112- إذا امتلأ القلب بالمحبة أشرق الوجه، وإذا امتلأ بالهيبة خشعت الجوارح، وإذا امتلأ بالحكمة استقام التفكير، وإذا امتلأ بالهوى ثار البطن والفرج.

لا يحاسب
113- المريض المتألم كالنائم: يهذو ويرفث ولكنه لا يحاسب.

لا تعظ!
114- لا تعظ مغلوباً على هواه حتى يعود إليه بعض عقله..

كل محبة تورث شيئاً
115- محبة الله تورث السلامة، ومحبة الناس تورث الندامة، ومحبة الزوجة تورث الجنون.

إذا همت نفسك
116- إذا همت نفسك بالمعصية فذكرها بالله، فإذا لم ترجع فذكرها بأخلاق الرجال، فإذا لم ترجع فذكرها بالفضيحة إذا علم بها الناس، فإذا لم ترجع فاعلم أنك تلك الساعة قد انقلبت إلى حيوان..

أخف العيوب
117- لكل إنسان عيب، وأخف العيوب ما لا تكون له آثار تبقى.

احذر وأسرع
118- إذا أمدك الله بالنعم وأنت على معاصيه فاعلم بأنك مستدرج، وإذا سترك فلم يفضحك، فاعلم أنه أراد منك الإسراع في العودة إليه.

أنواع الحب
119- الحب وله القلب، فإن تعلق بحقير كان وله الاطفال، وإن تعلق بإثم كان وله الحمقى، وإن تعلق بفان كان وله المرضى، وإن تعلق بباق عظيم كان وله الأنبياء والصديقين.

بين الخوف والرجاء
120- يخوِّفنا بعقابه فأين رحمته؟ ويرجينا برحمته فأين عذابه؟ هما أمران ثابتان: رحمته وعذابه، فللمؤمن بينهما مقامان متلازمان: خوفه ورجاؤه.

المسيء بعد الإحسان
121- من احسن إليك ثم أساء فقد أنساك إحسانه.

لو كنت!
122- لو كنت متوكلاً عليه حق التوكل لما قلقت للمستقبل، ولو كنت واثقاً من رحمته تمام الثقة لما يئست من الفرج، ولو كنت موقناً بحكمته كل اليقين لما عتبت عليه في قضائه وقدره، ولو كنت مطمئناً إلى عدالته بالغ الاطمئنان لما شككت في نهاية الظالمين.

في الدروب والمتاهات
123- في درب الحياة ضيَّعت نفسي ثم وجدتها في فناء الله، وفي متاهات الطريق فقدت غايتي ثم ألفيتها في كتاب الله، وفي زحام الموكب ضللت رحلي ثم وجدته عند رسول الله.

لولا.. ولولا..
125- لولا رحمتك بي يا إلهي لكنت فريسة الأطماع، و لولا هدايتك لي لكنت سجين الأوهام، و لولا إحسانك إلي لكنت شريد الحاجات، و لولا حمايتك لي لكنت طريد اللئام و لولا توبتك علي لكنت صريع الآثام.

الدين و التربية
126- الدين لا يمحو الغرائز و لكن يروضها، و التربية لا تغير الطباع و لكن تهذبها.

الشهامة.. و الشجاعة..
126-الشهامة أن تغار على حرمات الله و النجدة أن تبادر إلى نداء الله، و الشجاعة أن تسرع إلى نصرة الله، و المرؤة أن تحفظ من حولك من عيال الله، و السخاء أن لا ترد لله أمرا و لا نهيا.

خلق الكرام
127- الكرام يتعاملون بالثقة، و يتواصلون بحسن الظن و يتوادون بالإغضاء عن الهفوات.

ما هو الفقه؟
128-الفقه أن تفقه عن الله شرعه، و عن رسول الله خلقه، و عن صحابته سيرتهم و سلوكهم.

متى تنكشف الحقائق
129- و في المآزق ينكشف لؤم الطباع، و في الفتن تنكشف أصالة الآراء، و في الحكم ينكشف زيف الأخلاق، و في المال تنكشف دعوى الورع، و في الجاه ينكشف كرم الأصل، و في الشدة ينكشف صدق الأخوة.

لا تغرنك!..
130- لا تغرنك دمعة الزاهد فربما كانت لفرار الدنيا من يده، و لا تغرنك بسمة الظالم، فربما كانت لإحكام الطوق في عنقك، و لا تغرنك مسالمة الغادر، فربما كانت للوثوب عليك و أنت نسائم، و لا يغرنك بكاء الزوجة، فربما كان لإخفاقها في السيطرة عليك!

احذر ضحك الشيطان منك
131- احذر ضحك الشيطان منك في ست ساعات: ساعة الغضب، و المفاخرة، و المجادلة، و هجمة الزهد المفاجئة، و الحماس و أنت تخطب في الجماهير، و البكاء و أنت تعظ الناس.

احذر اللئيم
132- احذر لئيم الأصل، فقد يدركه لؤم أصله و أنت في أشد الحاجة إلى صداقته، و احذر لئيم الطبع، فقد يدركه لؤم طبعه وأنت في أشد الحاجة إلى معونته.

احذر!
133- إحذر الحقود إذا تسلط، و الجاهل إذا قضى، و اللئيم إذا حكم، و الجائع إذا يئس، و الواعظ المتزهد (أي الذي يتظاهر بالزهد) إذا كثر مستمعوه.

من عيشة المؤمن
134- ثلاث هن من عيشة المؤمن: عبادة الله، و نصح الناس، و بذل المعروف.

من طبيعة المؤمن
135- ثلاث هن من طبيعة المؤمن: صدق الحديث، و أداء الأمانة، وسخاء النفس.

من خلق المؤمن
136- ثلاث هن من خلق المؤمن: الإغضاء عن الزلة، و العفو عند المقدرة، و نجدة الصديق مع ضيق ذات اليد.

حسن الخلق
137- من أوتي حسن الخلق لا عليه ما فاته من الدنيا.

المنافق
138- المنافق شخص هانت عليه نفسه بقدر ما عظمت عنده منفعته.
139- المنافق ممثل مسرحي، له كذب الممثل و ليس له تقدير المحترفين.

اعتذار!
140- قيل لخطيب منافق: لماذا تتقلب مع كل حاكم؟ فقال: هكذا خلق الله القلب متقلبا، فثباته على حالة واحدة مخالفة لإرادة الله!..

عقوبة المجتمع
141- إن الله يعاقب على المعصية في الدنيا قبل الآخرة، و من عقوبته للمجتمع الذي تفشو فيه المظالم أن يسلط عليه الأشرار و الظالمين:" و إذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا".

ميزان الله
142-الفقير ميزان الله في الأرض، يوزن به صلاح المجتمع و فساده.

و الله أعدل الحاكمين
143- أمر الله أن يعطى الفقير حقه و الغني حقه، فدافع دجاجلة الدين عن حق الغني و لم يدافعوا عن الفقير، و أكل طواغيت الدنيا حق الغني دفاعا عن حق الفقير، و الله أعدل الحاكمين.

حكم الشيطان
144- لم يرضهم حكم الله في أمولهم فسلط عليهم من يحكم فيها بحكم الشيطان.

أين أنت
145- يتساءلون عنك: أين أنت؟ فيا عجبا للعمي البله! متى كنت خفيا حتى نسأل عنك؟ ألست في عيوننا و أسماعنا؟ ألست في مائنا و هوائنا؟ ألست في بسمة الصغير و تغريد البلبل؟ ألست في حفيف الشجر و ضياء القمر؟ ألست في الأرض و السماء؟ ألست في كل شيء كل شيء؟ أليست هذه الآيات الدالة عليك؟ أليست هذه بدائع صنعتك يا أحسن الخالقين؟ أليست آيات تدبيرك الحكيم بارزة في صغير هذا الكون و كبيره؟
فكيف يسأل عنك هؤلاء إلا أن يكونوا عميا في البصائر و الأبصار؟
" إن في السماوات و الأرض لآيات للمؤمنين، و في خلقكم و ما يبث من دابة آيات لقوم يوقنون، و اختلاف الليل و النهار و ما انزل الله من السماء من رزق فأحيا به الأرض بعد موتها و تصريف الرياح آيات لقوم يعقلون".

أين حكمتك؟
146- يتساءلون عن حكمتك في المرض والجوع، والزلازل والكوارث، وموت الأحبَّاء وحياة الأعداء، وضعف المصلحين وتسلُّط الظالمين، وانتشار الفساد وكثرة المجرمين، يتساءلون عن حكمتك فيها وأنت الرؤوف الرحيم بعبادك؟ فيا عجبا لقصر النظر ومتاهة الرأي! إنهم إذا وثقوا بحكمة إنسان سلَّموا إليه أمورهم، واستحسنوا أفعاله وهم لا يعرفون حكمتها، وأنت.. أنت يا مبدع السموات والأرض، يا خالق الليل والنهار، يا مسير الشمس والقمر، يا منزل المطر ومرسل الرياح، يا خالق الإنسان على أحسن صورة وأدق نظام.. أنت الحكيم العليم.. الرحمن الرحيم.. اللطيف الخبير.. يفقدون حكمتك فيما ساءهم وضرهم، وقد آمنوا بحكمتك فيما نفعهم وسرَّهم، أفلا قاسوا ما غاب عنهم على ما حضر؟ وما جهلوا على ما علموا؟ أم إن الإنسان كان ظلوماً جهولاً؟!

انتصار المؤمنين
147- في بحار من الظلمات بعضها فوق بعض، وفي حشود من الشر يأتي بعضها إثر بعض، وفي إرسال من الشك يردف بعضها بعضاً، في زمجرة الأعاصير، في تفجُّر البراكين، في أمواج البحر المتلاطمة.. يلجأ المؤمنون إلى إيمانهم فيملأ قلوبهم برداً وأمناً، ويفيئون إلى ربهم فيسبغ عليهم سلاماً منه ورضواناً، ويرجعون إلى كتاب هدايتهم فيملأ عقولهم حكمة وعلماً، ويلتفّون حول رسولهم فيزيدهم بصيرة وثباتاً.. حينذاك.. يناجي المؤمنون ربهم وقد خشعت له جباههم، وخشعت له قلوبهم: "ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته وما الظالمين من أنصار. ربنا إننا سمعنا منادياً ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا، ربنا اغفر لنا ذنوبنا وكفِّر عنا سيئاتنا، وتوفنا مع الأبرار، ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم لقيامة إنك لا تخلف الميعاد".
هنالك يستجيب لهم الحق بوعدٍ صدق: "إني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى، بعضكم من بعض، فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار. ثواباً من عند الله والله عنده حسن الثواب" ويبصّرهم الحق مصير الحشود والإرسال واستعلاء الكفر والضلال: "لا يغرَّنَّك تقلُّب الذين كفروا في البلاد. متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد"
ثم تدفعهم يد الله إلى طريق المعركة مبيِّنة لهم وسائل النصر: "يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون".
ويسير المؤمنون وهم يرفعون عقيرتهم بالدعاء: "ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب".
ويخوضون معركة الحق وهم يرددون: "ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، وثبِّت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين".
ويسجل كتاب الخلود نتيجته للمعركة بثلاث كلمات: "فهزموهم بإذن الله"..

عصفور الخير
148- لم يكن أهل الخير في عصرٍ من عصور التاريخ أكثر عدداً من أهل الشر أو يساوونهم، ولكن عصور الخير هي التي تمكن فيها أهل الخير من توجيه دفتها.

الضاحك الباكي
149- السعيد المحبوب هو الذي يضحك وقلبه باك، ويغنِّي ونفسه حزينة..

لكي يحبك الناس!
150- لكي يحبَّك الناس إفسح لهم طريقهم، ولكي ينصفك الناس افتح لهم قلبك، ولكي تنصف الناس افتح لهم عقلك، ولكي تسلم من الناس تنازل لهم عن بعض حقك.

عذاب..
151- عذاب العاقل بحسبه مع من لا يفهم، وعذاب المجرِّب برئاسته على من لم يجرب، وعذاب العالم بوضع علمه بين أيدي الجهال، وعذاب الرجل بتحكيمه بين النساء، وعذاب المرأة بمنعها من الكلام..

العواطف والعقول والأهواء
152- العواطف تنشئ الدولة، والعقول ترسي دعائمها، والأهواء تجعلها ركاماً.

بين الذئب والشاة
153- قال الذئب للشاة: ثقي بي فسأقودك إلى مرتع خصب.
فقالت الشاة: إني أرى بعيني عظام زميلاتي..
قال الذئب: لم آكلها أنا وإنما أكلها ذئب غيري..
قالت الشاة: وهل انسلخت من طبيعتك حتى لا تفعل ما فعلوا؟

دولة المؤمن!
154- عقل الفيلسوف يبني دولة في الهواء، وعقل القصصي يبني دولة فوق الماء، وعقل الطاغية يبني دولة فوق مستودع بارود، وعقل المؤمن يبني دولة أصلها ثابت وفرعها في السماء.

خلود..
155- خلود العالم بعلومه، وخلود الفيلسوف بتأملاته، وخلود القائد بفتوحاته، وخلود النبي برسالته، وخلود المصلح بصحابته.
يريد أن يحسن فيسيء
156- بعض أصدقائك يريد أن يحسن إليك فيسيء، فإن كانت اجتهاداً فاعف عنه، وإن كانت غفلة فلا تعتمد عليه.

جواز السفر
157- خلق الله المال ليكون جواز سفر إلى الجنَّة، فجعلته أطماع الإنسان جواز سفرٍ إلى جهنَّم..

كيف يؤتى الحق
158- لا يؤتى الحقّ إلا من الدخلاء في حشوده، والأغرار في قيادته، والنائمين في حراسته، والمفسدين في أسلحته.

إذا أراد الله
159- إذا أراد الله أن يسلب من عبدٍ نعمة أغفله عن صيانتها، وإذا أراد أن يمنحه نعمة هيأه لحسن استقبالها، وإذا أراد أن يمتحنه في نعمة أيقظ عقله وهواه، فإن غلب هواه عقله لم يكن بها جديراً.

من تعلق..
160- من تعلَّق قلبه بالدنيا لم يجد لذة الأنس بكلام الله، ومن تعلق قلبه بالجاه لم يجد لذة التواصل بين يدي الله، ومن تعلق قلبه بالمال لم يجد لذة الإقراض لله، ومن تعلق قلبه بالشهوات لم يجد لذة الفهم عن الله، ومن تعلّق قلبه بالزوجة والولد لم يجد لذة الجهاد في سبيل الله، ومن كثرت منه الآمال لم يجد في نفسه شوقاً إلى الجنة.

بين.. وبين
161- بين الشقاء والسعادة، تذكر عواقب الأمور.
162- بين الجنة والنار، تذكر الحياة والموت.
163- بين السبق والتأخر، تذكر الهدف والغاية.
164- بين الصلاح والفساد، يقظة الضمير.
165- بين الخطأ والصواب، يقظة العقل.

إذا صحت منك العزيمة
166- إذا صحَّت منك العزيمة للوصول إليه، مدّ يده إليك، وإذا صحت منك العزيمة للوقوف بين يديه، فرش لك البساط، ودلَّك بنوره عليه.

إذا صدقت الله…
167- إذا صدقت الله في الزهد في الدنيا كرَّهك بها، وإذا صدقته الرغبة في الآخرة حبَّب إليك أعمالها، وإذا صدقته العزم على دخول الجنة أعطاك مفاتيحها، وإذا صدقته حب رسوله حبب إليك اقتفاء أثره، وإذا صدقته الشوق إلى لقائه كشف لك الحجب إلا حجاب النور.

دعوى الحب
168- الحب من غير اتِّباع دعوى، ومن غير إخلاص بلوى، ومن غير نجوى حسرة وعبرة.

مناجاة!
169- إلهي! دعوتنا إلى الإيمان فآمنا، ودعوتنا إلى العمل فعملنا، ووعدتنا النصر فصدَّقنا، فإن لم تنصرنا لم يكن ذلك إلا من ضعف في إيماننا، أو تقصير في أعمالنا، ولأن نكون قصرنا في العمل، أقرب إلأى أ، نكون ضعفنا في الإيمان، فوعزّتك ما زادتنا النكبات إلا إيماناً بك، ولا الأيام إلا معرفة لك، فأما العمل فأنت أكرم من أن تردَّه لنقص وأنت الجواد أو لشبهة وأنت الحليم، أو لخلل وأنت الغفور الرحيم.

المرائي
170- ليس أشقى من المرائي في عبادته، لا هو انصرف إلى الدنيا فأصاب من زينتها، ولا هو ينجو في الآخرة فيكون مع أهل جنَّتها.

أصناف الإخوان
171- الإخوان ثلاثة: أخ تتزين به، وأخ تستفيد منه، وأخ تستند إليه، فإذا ظفرت بمثل هذا فلا تفرِّط فيه فقد لا تجد غيره.

صراخ المرضى
172- أسمع بجانبي صراخ مرضى يقولون: يا الله! علموا أن لهم رباً يرحمهم فاستغاثوا برحمته، إني لأرحمهم لآلامهم وأنا عبد مثلهم، فكيف لا يرحمهم الله وهو ربهم وخالقهم؟..

زرع لا يحصد
173- الجيل الذي زرعته يد الله لا تحصده يد إنسان...

أنواع الظلم
174- الظلم ثلاث: ظلم الإنسان لنفسه بأن لا ينصحها، وظلم الإنسان لأمته بأن لا يخدمها، وظلم الإنسان للحقيقة الكبرى بأن لا يعترف بربه "إن الشرك لظلم عظيم"

أنت تعلم.. وأنا أعلم
175- إلهي! أنت تعلم: أني لم أتقرب إليك بصالح الأعمال.
  وأنا أعلم: أنك تغفر الذنوب جميعاً إلا الإشراك بك.
  أنت تعلم: أني لم أبتعد عما نهيت من سيِّء الأعمال.
  وأنا أعلم: أنك ما كلفتنا من التقوى إلا بما نستطيع.
  أنت تعلم: أني لم أعبدك كما ينبغي لجلال وجهك أن يعبد.
  وأنا أعلم: أنك تخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من الإيمان.
  أنت تعلم: أن نفسي لم تصف من كدورتها برغم تعرّضي لنفحاتك.
  وأنا أعلم: أنك خلقتني من الطين، وأنبتَّني من التراب وأسكنتني في الأرض، وامتحنتني بالشيطان.
  أنت تعلم: أني أسبح في بحر متلاطم الأمواج لأصل إلى شاطئ أمنك وسلامتك.
  وأنا أعلم: أنك شددتني في الحياة بما يبطئ بي في الوصول من زوجة وولد، وحاجة ومرض، وهموم وأحزان.
  أنت تعلم: أني مشوق إلى الغوص في بحار أسرارك، والتعرّض لفيوض أنوارك.
  وأنا أعلم: أنك خلقت فيَّ مع نور العقل ظلمة الشهوة، ومع خضوع الملائكة تمرُّد إبليس، ومع سموِّ السماء هبوط الأرض، ومع صفاء الخير كدورة الشر، ومع نار الحب دخان الهوى.
  أنت تعلم: أني أريد الوصول إليك صادفاً منكسراً.
  وأنا أعلم: أنك تجتبي من تشاء، وتصطفي من تختار، بفضل منك لا بأعمالهم، وبكرم منك لا باستحقاقهم.
  إلهي! هذا بعض ما تعلمه مني، وبعض ما أعلمه عنك، فاجعل ما علمته شفيعاً لما علمته، وأوصلني إلى ما تعلمه مما أحاول، على ما أعلمه عندي من ضعف الوسائل، ولا تجعل علمك بي مبعداً لي عنك، ولا علمي بك فاتناً لي عن الوصول إليك، اللهم إنك تعلم ونحن لا نعلم وأنت الحكيم الوهاب.

تجارة لا تبور
176- من تعرّض لنفحات الله في الأسحار، وأعطياته لأحبابه من الأبرار، وتعجبه من الطاعة، وسروره عند التوبة، كان هو التاجر بما لا يبور، والمتعامل مع من لا يخيس، والمدَّخر لما لا يفنى.

ما كلّ..
177- ليس كل من أمسك القلم كاتباً، ولا كل من سوَّد الصحف مؤلفاً، ولا كل من أبهم في تعبيره فيلسوفاً، ولا كل من سرد المسائل عالماً، ولا كل من تمتم بشفتيه ذاكراً، ولا كل من تقشَّف في معيشته زاهداً، ولا كل من امتطى الخيل فارساً، ولا كل من لاث العمامة شيخاً، ولا كل من طرَّ شاربه فتى، ولا كل من طأطأ رأسه متواضعاً، ولا كل من افترَّ ثغره مسروراً.

تخير من تقرأ له
178- كل مؤلف تقرأ له، يترك في تفكيرك مسارب وأخاديد، فلا تقرأ إلا لمن تعرفه بعمق التفكير، وصدق التعبير، وحرارة القلم، واستقامة الضمير.

تجليات الله
179- تجلَّى للعارفين بفيوض الأنوار، وتجلَّى للواصلين بلطائف الأسرار، وتجلَّى للعابدين بلذة الإسرار، وتجلَّى للمريدين بحلاوة المزار، وتجلَّى للتائبين بإسدال الأستار، وتجلى للناظرين بحسن الاختيار، وتجلى للغافلين بتعاقب الليل والنهار.

لا تحقد!
180- لا تحقد على أحد، فالحقد ينال منك أكثر مما ينال من خصومك، ويبعد عنك أصدقاؤك كما يؤلب عليك أعداءك، ويكشف من مساويك ما كان مستوراً، وينقلب من زمرة العقلاء إلى حثالة السفهاء، ويجعلك تعيش بقلب أسود، ووجه أصفر، وكبدٍ حرَّى.

الأصحاء والمرضى
181- رأيت الناس بين مريض في جسمه سليم في قلبه، وبين صحيح في جسمه مريض في قلبه، وقل إن رأيت صحيح الجسم والقلب معاً.

للخير طريقان
182- للخير طريقان: بذل المعروف أو نيَّته، ومن لم يكن له نصيب في هذا ولا ذاك فهو أرض بوار..

مناجاة!
183- يا حبيبي! أنا لم أرق لهجرك الدمع، ولا جافيت لعتبك المضجع، ولا تركت من أجلك لذيذ الطعام والشراب، ولكن أمضَّني الهم فيك حتى أمرضني، وأرهقني السعي إليك حتى أقعَدني، فهل شافعي القيام بهذا عن التقصير في ذاك؟ وهل أنت مسعفي بلذيذ وصالك، بعد طول صدودك؟ أم أنك لا ترضى من محبيك، إلا أن يتحققوا بكل خصائص العبودية، وأن ينسوا أنفسهم حتى لا يروا غير آلائك، ولا تبهر أبصارهم سوى أنوارك؟ وأنَّى لي هذا إلا بعونك ورحمتك؟

لك من حياتك خمس!
184- لك من حياتك: طاعة الله، وطلب المعرفة، وبذل الخير، وبر الأقرباء والأصدقاء، ودفع الأذى عن جسمك، وما عدا ذلك فهو عليك.

أخطاء الأصدقاء
185- لا تهجر أخاك لأخطائه مهما تعددت، فقد تأتيك ساعة لا تجد فيها غيره.

استعن بمالك
186- من استعان بماله على حفظ كرامته فهو عاقل، ومن استعان به على تكثير أصدقائه فهو حكيم، ومن استعان به على طاعة اله فهو محسن "إن رحمة الله قريب من المحسنين".

لماذا نكره الحق؟
187- نحن الأطفال: نكره الحق لأننا نتذوق مرارة دوائه ولا نفكر في حلاوة شفائه، ونحب الباطل لأننا نستلذ طعمه، ولا نبالي سمه.

الهوى!
188- لولا الهوى لصلح من في الأرض جميعاً، ولو صلحوا جميعاً لما استحقوا الموت، ولو عاشوا جميعاً لما وسعتهم الأرض!..

قيادة الأغرار
189- إياك وقيادة الأغرار في معركة حاسمة، فإنهم إما أن ينشغلوا بك عن أنفسهم، وإما أن ينشغلوا بأنفسهم عنك، وفي كلا الحالين توقع هزيمة..

الفهم عن الله
190- إذا فهمت عنه في الضراء كما تفهم عنه في السراء فقد صدقت في حبه.

ظلم الإنسان
191- من ظلم الإنسان وجهله أن يتلقى عن ربه مالاً يعطيه إلا هو، ثم يسأل: أين الله؟

لا تضن بالقليل
192- إحذر أن تضنَّ بالقليل على عباد الله، فيأخذ الله منك القليل والكثير.

لا تظلم الضعيف
193- إحذر أن تظلم الضعفاء، فيظلمك من هو أقوى منك.

جحود الظالم
194- لو أيقن الظالم أن للمظلوم رباً يدافع عنه لما ظلمه، فلا يظلم الظالم إلا وهو منكر لربه.

العقوبة على السيئة
195- الجزاء على الحسنة قد يؤجل ليوم الآخرة، ولكن العقوبة على السيئة تكون في الدنيا قبل الآخرة.

حنين!
196- قد يقلع العاقل عن خلق ذميم، ولكن نفسه يعاودها الحنين إليه فترة بعد أخرى.

مناجاة!
197- يا رب! خلقتنا فنسيناك، ورزقتنا فكفرناك، وابتليتنا لنذكرك فشكوناك، ونسأت لنا في الأجل فلم نبادر إلى العمل، ويسرت لنا سبيل الخير فلم نستكثر منه، وشوقتنا إلى الجنة فلم نطرق أبوبها، وخوفتنا من النار فتقحَّمنا دروبها، فإن تعذِّبنا بنارك فهذا ما نستحقُّه وما نحن بمظلومين، وإن تدخلنا جنتك فذاك ما أنت أهله وما كنا له عاملين.

الأمل
198- لولا الأمل لما عمل الإنسان، فهو من أكبر نعم الله التي لا ترى.

مطية السعادة
199- الأمل مطيتك إلى السعادة، فإن وصلت إليها وإلا فابدأ أملاً جديداً.

سمو الآلام
200- رأيت نفسي دائماً تسمو بالآلام! ولكن من يطيق استمرارها؟

كن خيراً منه
201- لا تعامل أخاك بمثل ما يعاملك به، بل كن خيراً منه دائماً.

حسن الظن
202- لأن تحسن الظن فتندم، خير من أن تسيء الظن فتندم!

أقوال المبغضين
203- اصبر على ما يشيعه عنك المبغضون من سوء، ثم انظر فيما يقولون، فإن كان حقاً فأصلح نفسك، وإن كان كذباً فلا تشك في أن الله يظهر الحق ولو بعد المدى "إن الله يدافع عن الذين آمنوا".

العاقل والأحمق
204- العاقل من يرى فيما يقال عنه تنبيهاً لأخطائه، والأحمق يرى فيها محض إيذائه.

تبدل الرأي
205- كم من كثيرين كنت تتمنى صفعهم، ثم أصبحت تتمنى تقبيلهم.

حسن الظن
206- احمل أخطاء الناس معك دائماً محمل الظن إلا أن تتأكد من صدق الإساءة.

من الذي لا عيب فيه؟
207- لو أنك لا تصادق إلا إنساناً لا عيب فيه لما صادقت نفسك أبداً.

الأخ الكامل
208- إذا لم يكن في إخوانك أخ كامل فإنهم في مجموعهم أخ كامل يتمم بعضهم بعضاً.

كيف تعامل الناس؟
209- لا تعامل الناس على أنهم ملائكة فتعيش مغفلاً، ولا تعاملهم على أنهم شياطين فتعيش شيطاناًَ، ولكن عاملهم على أن فيهم بعض أخلاق الملائكة وكثيراً من أخلاق الشياطين.

الجزاء على المعروف
210- الجزاء الكامل عن المعروف لا يكون إلا من الله تعالى.

لا تر نفسك
211- لا تكن ممن يرى نفسه دائماً، فيكرهك الناس ويستثقلك إخوانك.

التواضع
212- التواضع يرفع رأس الرجل، والتكبر يخفضه.

لا تتحدث عن نفسك
213- تحدثك عن نفسك دائماً دليل على أنك لست واثقاً من نفسك.

حسن الخلق في البيت
214- كثير من الناس يكونون في بيوتهم أفظ الناس وأغلظهم، وهم خارجها من ألطف الناس وآنسهم.

لا تندم على حسن الخلق
215- لا تندم على حسن الخلق ولو أساء إليكم الناس، فلأن تحسن ويسيئون خير من أن تسيء ويسيئون.

العلم والمال
216- من ضاق ماله كثر همه، ومن اتسع علمه قل همه ولأن تقلل همومك بكثرة العلم خير من أن تقللها بسعة المال، فقل أن يسلم غني من المهالك، وقلًّ أن يقع عالم فيها، إن رأيت إنساناً اجتمع له العلم الغزير والمال الكثير مع سلامة من المهالك وبسطة في عمل الخير، ولكن قرأت عن مثل هؤلاء في التاريخ.

أنفع ثروة لأولادك
217- أنفع ثروة تخلفها لأولادك أن تحسن تربيتهم وتعليمهم وأبقى أثر منك ينتفعون به بعد موتك: علمك وخدمتك للناس.

كيف تسلم أعصابك من التلف؟
218- عامل القدر بالرضى، وعامل الناس بالحذر، وعامل أهلك باللين، وعامل إخوانك بالتسامح، وعامل الدهر بانتظار تقلباته، تسلم أعصابك من التلف والانهيار.

بين القرآن والإنجيل
219- حكمة الإنجيل: "من أمسك بطرف ثوبك فاترك له ثوبك كله" أسلم للفرد، وحكمة القرآن: "ومن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم" أسلم للجماعة
220- الإنجيل "يحتم" تسامح الإنسان في حقه، وهذا أقرب إلى المثل الأعلى، والقرآن "يرغب" في ذلك، وهذا أقرب لطبيعة الإنسان.
عيش العاقل وعيش الأحمق
221- العاقل من يأخذ بحظه من سعة العيش ويحسب لتقلبات الأيام حساباً، والأحمق من يتوسع في عيشه آمناً من غدرات الزمان.

الحكيم والأحمق
222- الحكيم من يعيش يومه وغده، والجاهل من يعيش يومه فحسب.

احترام العالم
223- من احترم العالم لعلمه فقد أنصفه، ومن احترمه لعلمه وخلقه فقد أكرمه.

انس الإساءة!
224- من تذكر إساءة إخوانه إليه لم تصف له مودتهم، ومن تذكر إساءة الناس إليه لم يطب له العيش معهم، فانس ما استطعت النسيان.

بر الوالدين
225- من برَّ والديه فقد حكم لهما بالإحسان في ولادتهما له، ومن عقَّهما فقد حكم عليهما.

أب.. وابن..
226- ربّ ولد خلَّد أباه، ورب أب قتل ولده..

لا تصاحب
227- لا تصاحب المسرف فيتلف لك مالك، ولا تصاحب البخيل فيتلف لك مروءتك.

مع جارك
228- أكتم على جارك ثلاثاً: عورته، وثروته، وكبوته، وانشر عن جارك ثلاثاً: كرمه، وصيانته، ومودته.

ما يكشف عن أخلاق الرجال
229- أربعة أشياء تكشف عن أخلاق الرجال: السفر، والسجن، والمرض، والمحاصمة.

لا تمتدح.. حتى..
230- لا تمتدح إنساناً بالورع حتى تبتليه بالدرهم والدينار، ولا بالكرم حتى ترى مشاركته في النكبات، ولا بالعلم حتى ترى كيف يحل مشكلات المسائل، ولا بحسن الخلق حتى تعاشره، ولا بالحلم حتى تغضبه، ولا بالعقل حتى تجربه.

معالجة الأمور
231- رب متكلم يبدو لك أنه من أحكم الحكماء، فإذا عالج الأمور كان من أسخف السخفاء.

دليل المودة
232- لا تثق بمودة إنسان حتى ترى موقفه منك أيام العسرة.

صنوف الإخوان
233- الإخوان ثلاث: أخ يفتح لك قلبه وجيبه فشدَّ يدك عليه، وأخ يفتح لك قلبه فاستفد منه، وأخ يغلق عنك قلبه وجيبه فلا ترحل إليه.

إذا اجتمعت..
234- إذا اجتمعت إلى حكيم فأنصت إليه، وإذا اجتمعت إلى عاقل فتحدث معه، وإذا اجتمعت إلى سخيف ثرثار فقم عنه وإلا قتلك!..

الصمت والكلام
235- إذا اشتهيت الصمت فتكلم، وإذا اشتهيت الكلام فاصمت، فإن شهوة الصمت وقار مفضوح، وشهوة الكلام خفة مزرية.

شهوة اللذة
236- إذا اشتهت نفسك لذة مباحة، فإن كنت تعلم أنه إن منعتها شغبت عليك وحزنت فاسترضها، وإلا فخير لك أن تعودها الفطام.

عباد الله..
237- إن لله عباداً قطعوا عوائق الشهوات، وأسرجوا مراكب الجدِّ بصدق العزمات، وامتطوا جياد الأمل، واتَّجهوا إلى الله على وجل، وتزودوا إليه بصالح العمل مع إخلاص النية، وتوسلوا إليه بصفاء القلب وصدق الطوية، فمروا بالخضرة الفاتنة مسبحين، وبالحطب اللاهب مستعيذين، ولم يعبؤوا بالعقبات، ولم يلتفتوا إلى المغريات، قد صانوا وجوههم عن الابتذال، وطهروا أقدامهم من الأحوال، استعانوا بالله على مشقة الطريق فذلل لهم صعابه، وعلى بعد المدى فلملم لهم رحابه، فلما اجتازوا الصعاب سألوا الله ففتح لهم بابه، فلما دخلوه استضافوه فقربهم ورفع دونهم حجابه، فلما استطابوا المقام بعد طول السرى قالوا: "الحمد لله الذي صدقنا وعده، وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العالمين" أولئك أحباء الله، صدقوه العهد فصدقهم الوعد، ومحضوه الحب فمنحهم القرب، أما ملائكة الله فتراهم: "حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين"..

صفة أخ
238- لي أخ صادق في حبه، مخلص في قربه، سريع في نجدته، غيور في مشهده وغيبته، سخي أكثر مما عرف عن بيئته، بصير بمواطن النفع والضر لمصلحته، غير أنه يشتد في الخصام، ويسرف في الأوهام، ويبالغ في الأرقام..

التجارب
239- التجارب تنمي المواهب، وتمحو المعايب، وتزيد البصير بصراً، والحليم حلماً، وتجعل العاقل حكيماً، والحكيم فيلسوفاً، وقد تشجع الجبان، وتسخي البخيل، وقد تقسي قلب الرحيم، وتلين قلب القاسي، ومن زادته عمى على عماه، وسوءاً على سوئه فهو من الحمقى المختومين.

شيطان يتظلم!
240- تعرض شيطان اسمه (أخضَر عشْ) يوماً لمتصوف جاهل يتعاطى الوعظ فقال له: لماذا لا تتعلم الدين، فتنشر سيرة العلماء، وتنشر في الناس الحلال والحرام، وتفتيهم في شؤون دينهم عن هدى وبصيرة؟
قال المتصوف: أغرب عليك لعنة الله! أتظن أني أخدع بك؟ لو كان من طبيعتك النصح لما كنت شيطاناً، إنما تريد بدعوتي للعلم أن أنصرف عن ذكر الله! لا أفعل!..
قال الشيطان: فهل لك في كلمة حق عند سلطان جائر فيكون لك أجر المجاهدين؟
قال المتصوف: اخسأ عليك غضب الله! أتريد أن تعرِّضني لعداوتهم فأسجن وأحارب فيحرم الناس من وعظي وإرشادي؟..
قال الشيطان: إمَّا لا هذه ولا تلك، فلماذا لا تجمع المال لتحفظ به كرامتك، وتدَّخره لفقير محتاج، أو مريد منقطع، أو جامع يُبنى، أو خير تُسهم فيه؟
قال المتصوف متلمِّظاً: أما هذه فنعم قاتلك الله! فأين أجد المال؟
قال الشيطان: ما رأيت والله أحمق منك! ألا ترى إلى مريديك، تحفظ لهم آخرتهم أفلا يحفظون لك دنياك؟ وتعْمر لهم قلوبهم أفلا يعمرون لك جيبك؟ وتحيي لهم أرواحهم أفلا يحيون لك بيتك؟
ومدَّ المتصوف الجاهل يده إلى جيوب مريديه فأفرغها في جيبه، وكانت الكثرة بحيث تفيض عن حاجة يومه وغده وكان من الكذب في دينه بحيث لا يفكر في إنفاقها في سبيل الله، فحار ماذا يصنع بها، فاستشار الشيطان فقال له: إنك إن أبقيت المال في خزانتك لم تأمن عليه من لص ينتهبه، أو جائحة تذهب به، أو ولد صالح (يلطشه) فأين أنت من شراء الأراضي والمزارع؟
فقال المتصوف: قاتلك الله لقد نصحتني. واقتنى الضياع واحدة بعد الأخرى..
ولكن أمره انكشف بين الناس، وماله المجموع من السحت و (النَّصب) والتسول ما زال يتزايد يوماً بعد يوم، فلجأ إلى صديقه الشيطان يستشيره، فقال له: وأين أنت من شراء السيارات، وبناء الدور، وعمارة القصور؟
قال المتصوف: ولكني أخشى أن أفتضح أيضاً.
قال الشيطان: لا أصلحك الله! أتعجز عن تسجيلها باسم زوجتك وأولادك وهم كثيرون؟..
وفعل المتصوف ذلك، غير أن المال ما زال يتدفق على جيب الشيخ الجاهل الواعظ، وأخذ يفتش عن أستاذه الشيطان ليستشيره فيما يفعل.
ولكن أستاذه كان قد غاظه من تلميذه مزاحمته له في مهنة الخداع ووسوسة الشر، فقرر الدعوة إلى مؤتمر غير عادي للشياطين ليرفع إليهم أمر هذا التلميذ المزاحم.
وانعقد المؤتمر برئاسة إبليس، ووقف الشيطان يشرح قصته ويقول:
لقد كان المدعى عليه إنساناً جاهلاً فمسخته ببراعتي وكيدي إلى شيطان ذكي، وكنت أنتظر منه أن يعرف لي فضلي فلا يزاحمني في (منطقتي) ولكنه أخذ يزاحمني مزاحمة خشيت منها على زبائني من التحول جميعهم إليه، فقد أخذ يسلك لإغوائهم من الطرق ما لا أعرف، فاجتذب من الزبائن ما لم أكن أطمع في تعاملهم معي..
لقد كنت أغوي الناس بالخمرة والمرأة واللذة والقمار والثروة وغير ذلك، فلم يستمع إليَّ من بُغضت إليه هذه اللذائذ كلها، أما هذا التلميذ العاق فقد أخذ يخدع الناس باسم الدين والزهد والفضيلة حتى أغواهم وأوقعهم في الجهل والخرافة ومحاربة الدين وعلمائه.. وأنتم تعلمون يا حضرات الزملاء أن ميزة زبائننا الغفلة مع شيء من الذكاء!.. فما يكاد الواحد منهم يتعامل معنا قليلاً حتى يهديه ذكاؤه إلى خبثنا وسوء طريقتنا فيتركنا.. أما هذا التلميذ المخادع فقد استطاع أن يَخْبِل فترة أطول مما نستثمر بها زبائننا..
فأنا أسألكم باسم حرمة المهنة، وبحق غضب الله علينا أن تفصلوا في أمره بما توحي به ضمائركم النجسة!..
ونهض الشيطان التلميذ ليدافع عن نفسه فقال:
يا حضرات الزملاء الملعونين!.. إني وغضب الله عليَّ وعليكم ما خنت هذه المهنة بعد أن شرفني رئيسنا إبليس بالدخول إلى (حظيرة دنسه) وما تنكرت يوماً لفضل أستاذي (أخضر عش) عليَّ، ولكني وجدته بعد التجربة قليل الحيلة ضعيف الذكاء، وتعلمون أن أحدنا كلما كان أبرع في اقتناص الفريسة والفرصة كان أقرب إلى نفس رئيسنا إبليس أخزانا الله وإياه، ولقد استطعت بوسائل الخداع التي أُلهِمتها من (حظيرة الدنس) أن أجتذب من الزبائن في محيط أستاذي في سنوات، ما لم يستطع أن يجتذبه في مئات السنين..
إننا حضرات الزملاء الملعونين.. في عصر استيقظت فيه روح الدين والهداية في نفوس الناس، فيجب أن نطوِّر وسائل الضلال والغواية بما يتفق مع هذا التطور الخطير، وإذا ظللنا على أساليبنا القديمة فسيسخر رئيسنا إبليس أخزانا الله وإياه عرشه ومملكته.
ولا يخفى عليكم أن وسيلتي التي اتَّبعتها نفَّرت كثيراً من الدين بما ألصقته به من خرافات وأباطيل، وما اتَّبعته مع الناس من كذب واحتيال وتدجيل، وكان من نتيجة ذلك أن تشكَّك كثير من الناس بحقائق الدين الصافية ودعاته الصادقين وعلمائه المخلصين، مما جعل مهيَّئين ليكونوا من فرائس أستاذي وزبائنه.
كما أن هؤلاء جعلوا يصبُّون اللعنات عليَّ بدلا من أستاذي كما كان الأمر من قبل.
ومن هنا ترون يا حضرات الزملاء الملعونين.. أنني أستحق شكر أستاذي لو كان مخلصاً لمهنته، ولكن أنانيته وطمعه واستئثاره جعلته يستعديكم عليَّ، وأخشى أن يكون أستاذي قد أصابته عدوى الهداية فقلَّت فيه روح الشيطنة وخبثها.. فلم يعد يصلح للمهنة، أما أنا فأظل أخاكم المخلص وزميلكم النجيب!..
وهنا تداول المؤتمرون القضية من جميع نواحيها، ثم أعلن إبليس قرار المؤتمر التالي:
لما كان الثابت من وقائع الدعوى وباعتراف المدعى (أخضر عش) بأن المدَّعى عليه قد أصبح براً في مهنة الشيطنة خبيراً بأساليب الضلالة والإغواء.
ولما كانت المادة الأولى من دستورنا وهي التي تقول: "كل من استطاع الإغواء والإضلال يعتبر شيطاناً" تنطبق على المدعى عليه تماماً.
ولما كانت المادة الخامسة من هذا الدستور قد نصَّت على الشروط المطلوبة من التلميذ لمنحه لقب "أستاذ".
ولما كانت روح الشر المتأصلة فينا تقتضينا أن نعمل جاهدين لنشر الضلالة والفساد بين بني الإنسان وأن نفرح لذلك ونشجع عليه.
ولما كان من الثابت أن المدَّعى عليه قد استطاع بفضل وسائله المبتكرة المتطورة أن يزيد في عدد ضحايانا وأن ينشر نفوذنا انتشاراً واسعاً.
لهذا كله قرر المؤتمر منح لقب "أستاذ" للمدعى عليه وتكريس أستاذيَّته في محفل الشيطان الأعظم، ونقش اسمه في عداد شياطين الإنس الخالدين..
حكماً وجاهياً قابلاً للاستئناف.
         رئيس المؤتمر
        إبليس

زيارة
241- زُرِ السجن مرة في العمر لتعرف فضل الله عليك في الحرية، وزر المحكمة مرة في العام لتعرف فضل الله عليك في حسن الأخلاق، وزر المستشفى مرة في الشهر لتعرف فضل الله عليك في الصحة والمرض، وزر الحديقة مرة في الأسبوع لتعرف فضل الله عليك في جمال الطبيعة، وزر المكتبة مرة في اليوم لتعرف فضل الله عليك في العقل، وزر ربَّك كل آن عليك في الصحة والمرض، وزر الحديقة مرة في الأسبوع لتعرف فضل الله عليك في جمال الطبيعة، وزر المكتبة مرة في اليوم لتعرف فضل الله عليك في العقل، وزر ربَّك كل آن لتعرف فضله عليك في نِعَم الحياة.

العاقل والحكيم والفيلسوف
242- العاقل من لم تَطْغ عاطفته على تفكيره، والحكيم من حفظ دروس الحياة، والفيلسوف من يحاول معرفة المجهول من المعلوم.

الجمال
243- جمال النفس يسعد صاحبها ومن حولها، وجمال الصورة يشقي صاحبها ومن حولها.

درس من الطبيعة
244- ما أروع هذا الدرس الذي تلقيه الطبيعة علينا وأنا أنظر إليها من نافذة غرفتي هاهي النسمات تميل الأشجار الخضراء باتجاه واحد حتى تكاد تتعانق، ثم تعود لتتلاقى مرة أخرى، كذلك الإنسان النابض بالحياة يتجاوب مع المجتمع النابض بالحياة.

توسط في كل شيء
245- عِشْ مع أهلك وسطاً بين الشدَّة واللين، وعش مع الناس وسطاً بين العزلة والانقباض، وعش مع إخوانك وسطاً بين الجد والهزل، وعش مع تلاميذك وسكاً بين الوقار والانبساط، وعش مع أولادك وسطاً بين القسوة والرحمة، وعش مع الحاكمين الصالحين وسطاً بين التردد والانقطاع، وعش مع بطنك وسطاً بين الشبع والجوع، وعش مع جسمك وسطاً بين التعب والراحة، وعش مع نفسك وسطاً بين المنع والعطاء، وعش مع ربك وسطاً بين الخوف والرجاء، تكن من السعداء.

لا تشته
246- لا تَشْتَهِ الزهد كيلا تبتلى بالرياء، ولا تشته الجاه كيلا تبتلى بالكبرياء، ولا تشته المرض كيلا تبتلى بالتبرّم بالقضاء، ولا تشته الصحة كيلا تبتلى بالعدوان على الضعفاء، ولا تشته الغنى كيلا تبتلى بظلم الفقراء، ولكن سَلِ الله دائماً ما هو خير لك عنده وأبقى، فإذا أقامك على حالة فقل: آمنت بالله ثم استقم.

فضل المرض
247- بالمرض تعرف نعمة الصحة، وبالصحة تنسى آفة المرض.

اعتن بصحتك
248- لا تهمل العناية بصحتك مهما كانت وجهتك في الحياة فإن كنت عاملاً أمدتك بالقوة، وإن كنت طالباً أعانتك على الدراسة، وإن كنت عالماً ساعدتك على نشر المعرفة، وإن كنت داعية دفعت عنك خطر الإنقطاع، وإن كنت عابداً حبَّبت إليك السهر في نجوى الحبيب.. نفسك مطيتك فارفق بها.

الصحة والهرم
249- من عني بصحته في شبابه لم يدركه الهرم ولو عاش مئة عام.

الصحة والواجب
250- لا تلهينَّ العناية بصحتك عن أداء رسالتك. قليل من الوقت تعنى به في صحتك يوفر عليك كثيراً من الوقت في أداء رسالتك.

الاعتدال أساس الصحة
251- كن معتدلاً في أكلك ومعيشتك، وفرحك وحزنك و عملك وراحتك، ومنعك وعطائك، وحبك وبغضك، لا تعرف المرض أبداً "وكذلك جعلناكم أمة وسطاً".

الراحة والخلوة
252- لو استقبلت من أمري ما استدبرت لأنفقت نصف أوقاتي في الراحة والخلوة، (قليل دائم خير من كثير منقطع).

نصيحة الطبيب
253- لا تستهن بنصيحة طبيبك اعتماداً على صحتك، فقد يأتي يوم تفقد فيه صحتك ولا تجديك مشورة طبيبك.

عاجل بالعلاج
254- لا تؤجل تناول العلاج إلى انتهائك من العمل، فقد تنقطع عن العمل وتفوت فرصة العلاج.

النفقة على الصحة
255- أيها البخيل! نفقة الاعتناء بصحتك أقل من نفقة العلاج من مرضك.

التفكير في الصحة
256- تفكير الصحيح أصح من تفكير المريض إلا أن يكون للمريض أنس بربِّه.

عزاء للمريض
257- إذا ضقت ذرعاً بمرضك، فاذكر أن هناك مرضى يتمنَّون ما أنت فيه لعظم ما أصابهم من الأمراض، وبذلك تهدأ نفسك وترضى عن ربك.

اللذة والمرض
258- من لم يمتنع باختياره عما يضرّه من لذة، فسيضطر إلى ما يكره من دواء.

الفقر مع الصحة
259- حصيرة بالية تنام عليها وأنت صحيح، خير من سرير ذهبي تلقى عليه وأنت مريض.

مفاخرة بين الصحة والمرض
260- تفاخرت الصحة والمرض يوماً:
فقالت الصحة: بي ينشط الناس للعمل
وقال المرض: وبي يقصر الناس طول الأمل
قالت الصحة: بي يجتهد العابدون بالعبادة
قال المرض: وبي يخلصون في النية
قالت الصحة: ومن أجلي تشاد معاهد الطب
قال المرض: وبي تتقدم أبحاث الطب
قالت الصحة: كل الناس يحبونني
قال المرض: لولاي لما أحبوك هذا الحب..

ليل ونهار
261- ليلك نهار غيرك، وليل غيرك نهارك!..

بين السمع والاختبار
262- بعض الناس تسمعهم فتتمنى صحبتهم ولو في النار، فإذا خبرتهم كرهت صحبتهم ولو في الجنة..

اغتنم ساعة نشاطك
263- للنفس ساعات تنشط فيها للخير، وساعات تحرن فيها، فإذا نشطت فأكثر، وإذا حرنت فأقصر، فإنك إن كرهتها على الخير وهي لا تريده كانت كالدابة التي تركبها مرغمة، لا تأمن أن تلقي بك وأنت حُطَمَة!

مصاحبة الأحمق
264- لا تصاحب الأحمق بحال، فإنك لا تستطيع التحامق معه، وهو لا يستطيع التعاقل معك، والأول شرّر لك، والثاني خارج عن طبيعته.
265- مصاحبة الأحمق كمصاحبة الأفعى، لا تدري متى يؤذيك!

الغلاظة في الدين
266- بعض دعاة الدين يذكرون قوله تعالى "واغلظ عليهم" وهم لا يفهمون معناها، وينسون قوله تعالى: "ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك" وهي واضحة المعنى.

كثرة الكلام
267- من ابتلي بكثرة الكلام أصيب بالعيِّ في موطنٍ يحسن الكلام فيه.

ثلاثيات!
268- إحذر ثلاثاً في ثلاث عند ثلاث: الزهو بعلمك عند المناقشة، والفخر بعلمك عند الذين يعرفونك، والتقصير في الخير عند سنوح فرصته.

طبيعة المرأة
269- المرأة طفل كبير يريد منك أن تعامله معاملة الكبار.

غرور المرأة
270- المرأة غزال يظن أن قرونه تغني عنه غناء أنياب الأسد.

خداع الشيطان باسم الطاعة
271- إني لا أخشى على نفسي أن يغريني الشيطان بالمعصية مكاشفة، ولكني أخشى أن يأتيني بها ملفَّعة بثوبٍ من الطاعة.
272- يغريك الشيطان بالمرأة عن طريق الرحمة بها، ويغريك بالدنيا عن طريق الحيطة من تقلُّباتها، ويغريك بمصاحبة الأشرار عن طريق الأمل في هدايتهم، ويغريك بالنفاق للظالمين عن طريق الرغبة في توجيههم، ويغريك بالتشهير بخصومك عن طريق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويغريك بتصديع وحدة الجماعة عن طريق الجهر بالحق، ويغريك بترك إصلاح الناس عن طريق الجهر بالحق، ويغريك بترك إصلاح الناس عن طريق الاشتغال بإصلاح نفسك، ويغريك بترك العمل عن طريق القضاء والقدر، ويغريك بترك العلم عن طريق الانشغال بالعبادة، ويغريك بترك الجهاد عن طريق حاجة الناس إليك، ويغريك بترك السنَّة عن طريق اتباع الصالحين، ويغريك بالاستبداد عن طريق المسؤولية أمام الله والتاريخ، ويغريك بالظلم عن طريق الرحمة بالمظلومين.

إساءة الحمقى إلى الدين
273- بعض الغيورين على الدين يسيئون إليه بحمقهم وغرورهم أكثر مما يسيء إليه أعداؤه بخبثهم ومكرهم.

لا تدع للشيطان فرصة
274- لا تعط الشيطان فرصة التردد عليك، بل احزم أمرك معه. وأفهمه أنك لا تحب الخائنين.

إذا خوفك الشيطان
275- إذا خوَّفك الشيطان من الفقر، فردَّه بالرزق المكتوب. (وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها) وإذا خوفك من الموت والقتل فرده بالأجل المكتوب
(فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون).
إذا أيأسك الشيطان من الجنة فتذكر معفرة الله.
وإذا أيأسك من النجاة بتقصيرك فتذكر فضل الله.
وإذا أيأسك من الشفاء من مرضك فتذكر رحمة الله.
وإذا أيأسك من كشف محنتك فتذكر وعد الله.

نداء!
277- أيها المثقلون بالهموم! كل همومكم تزول إلا هماً واحداً هو دينونة أنفسكم…
أيها المرهفون بالآلام كل آلامكم تذهب إلا ألماً واحداً هو ألم ضمائركم..
أيها المراهقون بالآلام! كل آلامكم تذهب إلا ألماً واحداً هو ألم ضمائركم..

معالجة المشكلات
278- بعض الناس يعالجون المشاكل بما يزيدها تعقيداً.

السلبية حمق
279- السلبية المطلقة في معالجة المشكلات الاجتماعية التي لا مفر منها حمق وانتحار.
280- بعض الناس يحاولون إيقاف عجلة التطور بكلمة "لا" كالصبيان يحاولون عرقلة سير القطار بوضع الأحجار على قضيب السكة الحديدية.

الحكيم الأحمق!
281- من شغله الاستعداد لغده عن العمل ليومه كان "حكيماً" أحمق..

راحة الفكر
282- يقولون لي: أرِح فكرك لتشفى، ومعنى ذلك: ادفن نفسك لتسلم..

شدة الإحساس بلاء
283- قد تكون شدة الإحساس بلاءً أكبر من شدة الغفلة.

التفكير في ذات الله..
284- التفكير في ذات الله كفر، وفي آياته إيمان..

بين..وبين..
285- بين الخوف والجرأة، أن تخطو الخطوة الأولى.
286- بين الاحتراس وسوء الظن، أن الأول "احتمال" للسوء، والثاني "ترجيحه".
287- بين صفاء القلب والغفلة أن الأول ترجيح حسن الظن مع احتمال سوئه، والثاني عدم احتمال السوء مطلقاً.
288- بين المروءة والدناءة، حبّ المكرمات.
289- بين الكرامة والكبر، أن الأول أن تنزل نفسك منزلتها، والثاني أن تنزل نفسك فوق منزلتها.
290- بين التواضع والذلة، أن الأول أن تتنازل عن مكانة نفسك تخلفاً، والثاني أن ترضى باحتقار غيرك لك هواناً..

مع الأطباء
291- قد تغيب أبسط مبادئ المعالجة عن أذهان كبار الأطباء.

الأسباب والتوكل
292- خذ بالأسباب وثق بأن نتائجها بيد الله وحده.

قوة العقول والأجسام والأرواح
293- الأذكياء تقوى عقولهم على حساب أرواحهم، والأغبياء تقوى أجسامهم على حساب عقولهم، والصالحون تقوى أرواحهم على حساب عقولهم، والصدَّيقون تقوى عقولهم وأرواحهم في آن واحد.

غذاء شيء بشيء
294- لا تجعل جسمك يتغذَّى بروحك فتقوى حيوانيتك، ولا تجعل عقلك يتغذى بروحك فتقوى شيطانيتك، ولكن غذَّ عقلك بالتفكير، وروحك بالنظر، فتقوى ملائكيَّتك.

النظر في كتاب الله
295- ما رأيت شيئاً يغذِّي العقل والروح ويحفظ الجسد ويضمن السعادة أكثر من ادامة النظر في كتاب الله.

المؤمن والكافر
296- في كل مؤمن جزء من فطرة النبي، وفي كل كافر جزء من طبيعة الشيطان.

الخوف
297- لا يستعبدك الخوف فتكون كمن خافوا الشيطان فعبدوه.

أثر الأم في الأولاد
298- اللهم هيئ لأحفادنا أمهات عاقلات صالحات، فإن الأم إما تجعل من ابنها رجلاً، وإما أن تجعل منه شريراً، وإما أن تجعل منه مغفلاً.

عناد الشر
299- لا يلقي الشر سلاحه حتى يلفظ آخر أنفاسه، فهو لا يعرف الصلح والمهادنة أبداً.

رباعيات
300- ارحم أربعاً من أربع: عالماً يعيش مع الجهَّال، وصالحاً يعيش مع الأشرار، ورحيماً يعيش مع قساة القلوب، وعالي الهمة يعيش مع خائري العزائم.

في الفتنة
301- إذا لم تستطع أن تقاوم فتنة الغوغاء فاحتفظ بحكمتك لنفسك، فإنها عندهم حينئذ سخف أو خيانة!

من نعمة العقل
302- من تمام نعمة الله عليك بالعقل أنه يعرِّفك قدر نفسك.

لا تستعجل الرئاسة
303- لا تستعجل الرئاسة، فإنك إن كنت أهلاً لها قدِّمك زمانك، وإن كنت غير أهل لها كان من الخير لك أن لا ينكشف نقصانك.

ضعف الإنسان
304- سبحان من خضد شوكة الإنسان بالجوع، وأذلَّ كبرياءه بالمرض، وقهر طغيانه بالموت.

بين الثعلب والأسد
305- قال الثعلب للأسد بعد أن أوقعه في حفرة ظنَّ أنه سيهلكه فيها: سأفضحك بين الحيوان بضعفك، فضحك الأسد وقال: مهما فعلت فسأظل أسداً وستظل أنت ثعلباً!

بينك وبين ربك
306- إذا وصل إليك من رب العطاء فليصله منك الشكر، وإذا وصل إليك منه البلاء فليصله منك الصبر، وإذا لم يصل إليك منه ما ترجو فلا يصل إليه منك ما يكره.

مكافأة المعروف
307- لا تقصِّر في حق إخوانك اعتماداً على محبتهم، فإن الحياء أخذ وعطاء، ولا تقصر في حق ربك اعتماداً على رحمته فإن انتظار الإحسان مع الإساءة شيمة الرقعاء، ولا تنتظر من إخوانك أن يبادلوك معروفاً بمعروف فإن التقصير من طبيعة الإنسان، وانتظر من ربِّك أن يكافئك على الخير خيراً منه، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان!

عامل
308- عامل ربك بالخضوع، وعامل أعداءه بالكبرياء. وعامل عباده بالتواضع.

احتفظ بوقارك في أربعة
309- احتفظ بوقارك في أربعة مواطن: في مذاكرتك مع من هو أعلم منك، وتعليمك لمن هو أكبر منك، ومخاصمتك مع من هو أقوى منك، ومناقشتك مع من هو أسفه منك.

لا تنقبض في أربعة
310- لا تنقبض في أربعة مواطن: في السفر مع زملائك، والسهر مع إخوانك، والملاطفة مع أهلك وأولادك، والطرب مع من تثق بهم من سُمَّارك.

احتفظ بأدبك في خمسة
311- احتفظ بأدبك في خمسة مواطن: في أماكن العبادة، ومجالس العلم، ومقابلة العظماء، ومحادثة الرؤساء، ومعاملة الغرباء.

احتفظ برباطة جأشك في سبعة
312- احتفظ برباطة جأشك في سبعة مواطن: لقاء الأعداء، ومقابلة الطغاة، واشتداد الفتنة، وتربُّص الشر، وانتشار البلاء، وسجون المتسلِّطين، وطيش الزوجة الرعناء.

التواضع والغرور
313- إذا أنعم الله عليك بموهبة لست تراها في إخوانك، فلا تفسدها بالاستطالة عليهم بينك وبين نفسك، وبالتحدث عنها كثيراً بينك وبينهم، فإنَّ نصف الذكاء مع التواضع أحبُّ إلى قلوب الناس وأنفع للمجتمع من ذكاء كامل مع الغرور.

المغرور
المغرور يتوهم لنفسه من الفضائل ما يذهب بفضائله الحقيقية.

لا تستخفَّنَّ بالنعمة
لا تستخفَّنَّ بنعمة مهما قلَّت، فإن القليل من الكريم كثير.

اعتن بالنعمة
لا تهملنَّ العناية بالنعمة مهما صغرت، فقد يأتي يوم تكبر فيه حاجتك إليها.

نعم الله لا تحصى
نعم الله عليك لا تحصى، ومن أوَّلها حياتك، ثم عدِّد إن استطعت صاعداً.

تفقد عقلك في أربعة
تفقد عقلك في أربعة مواضع: عندما يثير الشيطان هواءك، وعندما تخاطب المرأة عواطفك، وعندما يثير المال طمعك، وعندما يثير الشبع شهوتك.

أصل الشر وأصل الخير
أصل الشرِّ في العالم ثلاث: إبليس والمرأة والمال، وأصل الخير في العالم ثلاث: العقل والمرأة والمال.

العلم الشائع
علم قليل شائع، خير من كثير محتكر.

حالة المسلمين
لو هدمت الكعبة لما ضجَّ المسلمون اليوم أكثر من ثلاثة أيام.

الجمود والجحود
الذين يطمسون وجه الشريعة المشرق بجحودهم أسوأ أثراً من الذين يطمسونه بجحودهم.

يا مواكب الحجيج
يا مواكب الحجيج! هل تعلمون أنكم خلفتم وراءكم قلباً يخفق كخفق قلوبكم، قد أقعده المرض عنكم، وساقه الشوق معكم، فلا تهبطون وادياً، ولا تصعدون شَرَفاً، ولا تؤدون شعيرة إلا وهو معكم، ولكنه موثق بحبال الله، فاذكروه كما يذكركم، لعل الله يرحمه كما يرحمكم، وادعوا له كما تدعون لأنفسكم، فإن دعوة المؤمن لأخيه المؤمن في ظهر الغيب مستجابة كما قال رسولكم، وكحلوا أعينكم عنه برؤية أرض درج عليها الحبيب، وانبثق منها النور، ودارت على ثراها رحى أولى معارك النصر، ففي ذلك تقوية لإيمانه وإيمانكم، وبعث لعزيمته وعزائمكم. وإذا تعلقتم بأستار الكعبة فابكوا عنه كما تبكون عن أنفسكم، فما أنتم أولى بالبكاء منه، ولا هو أقل رجاءً للرحمة منكم.

يا زوار الحبيب الأعظم
يا زوار الحبيب الأعظم! إذا وقفتم بين يديه فبلغوه السلام عن محب سفح الدمع يوم لقيه، ومزق القلب يوم ودَّعه. وما خاس بعهده أن يزوره كل عام، ولكن عوائق الأقدار أبطأت به، فسلوه – إن كان يحب محبه – أن يسأل له الله إطلاق سراحه، سَلوه، ولا تُبلغوني عتبه إن كان عاتباً.

ضيوف
إنهم هناك الآن.. ضيوفه المكرمون، تباركهم روحه وتشرق عليهم أنواره، وتصفِّي نفوسهم آثاره.. هنيئاً لهم.

قوة العقائد وضعفها
العقائد تقوى بالكفاح، وتضعف بالنجاح.

عذاب المحبوب
كل محبوب عذابٌ على محبَّه إلا الله عزَّ وجل، ورسوله صلى الله عليه وسلم.

أقنع دعاء وأجمعه وأروعه
أقنع دعاء قول الله تعالى: "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة" وأجمع دعاءٍ دعاءُ النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم إني أسألك من الخير كله ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله ما علمت منه وما لم اعلم".
وأروع دعاء، دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق، أحيني ما علمت الحياة خيراً لي وتوفَّني إذا علمت الوفاة خيراً لي، أسألك خشيتك في الغيب والشهادة، وأسألك كلمة الحق في الغضب والرضى، وأسألك القصد في الفقر والغنى، وأسألك نعيماً لا ينفذ، وأسألك قرة عين لا تنقطع، وأسألك الرضى بعد القضاء، وأسألك برد العيش بعد الموت، وأسألك لذة النظر إلى وجهك، وأسألك الشوق إلى لقائك، في غير ضرَّاء ولا مضرَّة، ولا فتنة مضلَّة، اللهم زيِّنا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهديين".

اتهم نفسك في موضعين
اتهم نفسك في موضعين: في الزيادة على ما أمر الله به أو نهى، وفي التقصير فيما أمر أو نهى.

إمام في المتقين
من أيقن بحكمة الله وعدالته، وصبر على قضائه وقدره، كان إماماً في المتقين.

من يركبهم الشيطان
لا يبلغ الشيطان من إنسان بمقدار ما يبلغ من عالم فاجر، أو عابد جاهل، أو متزهد واعظ.

بلاء المؤمن ومعافاته
بلاؤه للمؤمن أثر من رحمته، ومعافاته قد تكون أثراً من عقوبته.

جنود الله
إن لله جنوداً يحفظونك ويدافعون عنك، منها: عملك الصالح.

لا يخلف الله وعده
وَعَدَ عبده المؤمن بالدفاع عنه فتسلَّط عليه الأشرار وتراكمت عليه النكبات، إن الله لا يخلف وعده، ولكن المؤمن هو الذي أخلف عهده، وكان العهد مسؤولاً.

مصيبتان
مصيبة المؤمن الصابر في ماله أو بدنه أو نفسه مصيبة واحدة، ولكن مصيبة الفاجر فيها مصيبتان: ثانيهما في روحه ودينه وثوابه.

أعذر إلى الله
من قام بواجبه نحو أمته وأهله وولده في إنكار المنكر، ثم لم ينجح، فقد أعذر إلى الله.

عدوى الخير والشر
كل من الخير والشرِّ يعدي، ولكن عدوى الشرِّ أسرع وأبلغ.

إحذر الشيطان
إحذر الشيطان على عقيدتك من أن يفسدها بالآراء، واحذره على عبادتك من أن يفسدها بالرياء، واحذره على عملك من أن يفسده بالأهواء، واحذره على علمك من أن يفسده بالادِّعاء، واحذره على عبوديَّتك من أن يفسدها بالكبرياء، واحذره على خلقك من أن يفسده بالغرور، واحذره على استقامتك من أن يفسدها بالحرص والطمع.

وجود الله
في جمال الأزهار وأرج الرياحين وهي من ماء وتراب، يتجلَّى إيداع الخالق ودقَّة صنعه، فأي دليلٍ بعد هذا على وجود الله وحكمته يريدون؟

حب الله ورسوله
ليس في قلب المؤمن مكانٌ لغير حبِّ الله ورسوله، وليس له أمل أغلى من لقائهما، ولا عمل ألذ من مرضاتهما، ولا وصل أحلى من وصالهما.

الدعوى والدليل
إذا ادَّعت نفسك حب الله فاعتبر بموقفها من أوامره ونواهيه، وبرغبتها ورهبتها من جنته وناره، وإذا ادَّعت حب رسوله فاعتبر بموقفها من سنته في أخلاقه وآدابه، ومن آل بيته في حبهم وموالاتهم، ومن صحابته في إكبارهم وحسن الظن بهم، ومن دياره وآثاره في الشوق إليها والخشوع عندها.

عز الطاعة وذل المعصية
يكفيك من عزِّ الطاعة أنك تسر بها إذا عرفت عنك، ويكفيك من ذل المعصية أنك تخجل منها إذا نسبت إليك.

موطنان
موطنان إبْكِ فيهما ولا حرج: طاعة فاتتك بعد أن وافتك، ومعصية ركبتك بعد أن تركتك.
وموطنان افرح فيهما ولا حرج: معروف هديت إليه، وخير دَللت عليه.            وموطنان أكثر من الاعتبار فيهما: قوي ظالم قصمه الله، وعالم فاجر فضحه الله.         وموطنان لا تطل من الوقوف عندهما: ذنب مع الله مضى، وإحسان إلى الناس سلف.        وموطنان لا تندم فيهما: فضل لك جحده مع الله قرناؤك، وعفو منك أنكره عتقاؤك.        وموطنان لا تشمت فيهما: موت الأعداء، وضلال المهتدين.
وموطنان لا تترك الخشوع فيهما:تشييع الموتى، وشهود الكوارث.