الأحد، 8 يوليو 2012

الفتح الرباني لترتيب مسند أحمد بن حنبل الشيباني

أحمد عبد الرحمن البنا
هذا الكتاب العظيم يتكون من أربعة وعشرين جزءاً، وهو مرجعاً مهماً في الحديث الشريف، وعلومه فقد اجتهد المؤلف جزاه الله خيراً في إخراجه بهذه الصورة المشرقة، وهذا الأسلوب الرائع، فقد الأئمة الأعلام في عصره وشيخ السنة، وصاحب المنة على الأمة أبو عبد الله أحمد بن حنبل بن هلال بن إدريس…الخ. ولد الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله في العشرين من ربيع الأول سنة أربع وستين ومائه ببغداد، قال الذهبي هو عالم العصر، وزاهد الوقت، ومحدث الدنيا، ومفتي العراق، وعلم السنة وباذل نفسه في المحنة (1) وقل أن ترى العيون مثله. لقد أبدع حقيقة الشيخ أحمد البنا في هذا الكتاب ، حيث قام بترتيبه ترتيباً رائعاً وقام، بشرح الكلام الغير واضح للمتلقي، ثم وضع رموزاً للرواة ، فالبخاري مثلاً وضع بخ، وأبو داود وضع :د، وغيرهم وكذلك شرح كيف كانت فكرته في الكتاب العظيم الذي لا بد وأنه مرجعاً كبيراً من مراجع الحديث.
قال أحمد البنا " اشتاقت نفسي إلى قراءة المسند، وذلك في سنة أربعين وثلاثمائة وألف من الهجرة، فوجدته بحراً خضماً يزخر بالعلم، ويموج بالفوائد… لا سبيل إلى اصطياد فرائده، واقتناص شوارده فخطر بالخاطر المخاطر، وناجتني نفسي، أن أرتب هذا الكتاب، وأعقل شوارد أحاديثه بالكتب والأبواب، وأقيد كل حديث منه بما يليق به من باب وكتاب… فتحققت بمعونة الله العزيمة وصدقت النية وخلصت بتوفيقه… وحقق إخراج ما في النية إلى الفعل في هذه الدرة اليتيمة" انتهى.
ومن بديع ما فعل البنا في ترتيبه للمسند أنه حذف السند (2)، قال" حذفت السند ولم أثبت منه إلا أسم الصحابي الذي روى الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم .. إلا في حالات نادرة يذكر اسم أحد رواته مما تمس الحاجة إليه، وذكر كيف أن كثرة طول السند يأتي بالسآمة والملل ، وقال" وقد أدرك كثير من كبار المحدثين المتقدمين تفشي هذا الداء فاختصروا كتبهم بحذف السند، منهم الإمام البغوي في كتاب مصباح السنة (3) ، والحافظ بن الأثير في كتابه جامع الأصول، والزبيدي في كتابه التجريد الصحيح لأحاديث الجامع الصحيح .
وقال المؤلف أجزل الله ثوابه" والمقصد الثاني في سبب تكرير الحديث وهو كما هي الكتب الأخرى وذلك يعود لتعدد الطرق في السند واختلاف الألفاظ في المتن ونحو ذلك فتارة يروى الحديث الواحد عن صحابي واحد من طرق متعددة بألفاظ مختلفة فلحرصهم على الإحاطة بجميع الروايات وقع التكرار في كتبهم فيتتبع البنا لأحاديث السند لم يجد حديثاً مكرراً إلا لذلك ونحوه. وهذا يدل على سعة علم المؤلف بكتب الحديث، فقد قرأ الكتب الستة في شبابه، وعرف الأسانيد، والرواة، وكثرة تكرار الأحاديث وأدرك الغاية من ذلك، فوضع ترتيبه للمسند على طريقة علمية دقيقة.
وتحدث المؤلف أيضاً عن كيفية ترتيب الكتاب وتقسيمه على سبعة أقسام وهي كما يلي:
القسم الأول: التوحيد وأصول الدين.
القسم الثاني: قسم الفقه:
1- العبادات
2- المعاملات.
3- الأقضية والأحكام.
4- الأحوال الشخصية والعادات.

القسم الثالث: تفسير القرآن.
القسم الرابع:أحاديث الترغيب.
القسم الخامس: أحاديث الترهيب.
القسم السادس:قسم التاريخ من أول الخليفة إلى ابتداء ظهور الدولة العباسية.
القسم السابع: في أحوال الآخرة وعن الفتن التي تسبق الآخرة.

والكتاب موسوعة للحديث مرتبه بطريقة جيدة، ومشروح بشكل شيق ويسير، أسأل الله أن يرزق مؤلفه أحمد عبد الرحمن البنا بحبوحة الجنة، وأن يجعل عمله هذا حجة له آمين والسلام عليكم.






(1) المقصود بالمحنة هنا ، هي محنته مع أحد الأئمة حين قال بعض علماء الدولة أن القرآن مخلوق، إلا أن أحمد بن حنبل رحمه الله وأجزل ثوابه، قال أين الدليل على هذا القول، القرآن كلام الله وليس بمخلوق ، فما كان من بعض العلماء إلا أن حرضوا الوالي على سجنه فسجن وعذب رحمه الله ، ومع ذلك كان يقول "لو أعلم أن لي دعوة مستجابة لدعوتها لولي الأمر".
(2) المقصود هنا أنه حذف الكلام الكثير الذي ذكره الإمام أحمد آنذاك لتوثيق الأمانة العلمية، ومنهم الرواة ، فكان في المسند يقول حدثنا فلان، حدثنا فلان، وحدثنا فلان، وهكذا فالمؤلف أحمد البنا حذف هذا كله لكي لا يمل القارئ من كثرة الكلام ويترك الفضل الكبير في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم.
(3) أن شاء الله سأتحدث عن هذا الكتاب في حلقة قادمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق