الأحد، 8 يوليو 2012

مفتاح دار السعادة ومنشور أهل العلم والدراية



مفتاح دار السعادة ومنشور أهل العلم والدراية
تأليف الإمام ابن القيم الجوزية
قراءتي في هذه الحلقة عن كتاب عظيم، ومؤلفٌ مسدد، أما الكتاب فهو مفتاح دار السعادة ومنشور أهل العلم والدراية، وأما المؤلف فهو الإمام ابن القيم، والذي كتب مؤلفات كثيرة في مجالات شتى، جاء الكتاب في جزأين، تحدث المؤلف فيه بإسهاب عن موضوعين رئيسيين هما كيف أزل الشيطان –لعنه الله- آدم وحواء ، وكيف أهبطهم الله إلى الأرض، والموضوع الآخر فضل العلم والعلماء، هذين الموضوعين أكثر ما شغل صفحات الكتاب، وهناك مواضيع أخرى.
وجدت في الكتاب للوعظ والتذكير مجالاً رحباً، وأرض فسيحة، ومداداً سائلاً، وصفحات مليئة، وجهداً صائباً، وعلماً واسعاً، وحلماً وصبر، وثبات وعزيمة، وتسديد من الله ، لقد أخبر في كتابه عن "محبة الله للصابرين، والمحسنين، والمجاهدين في سبيله صفاً، ويحب التوابين، ويحب المتطهرين، والشاكرين ، وذكر كيف أن الله سبحانه وتعالى خلق آدم وذريته من تركيب مستلزم لداعي الشهوة، والغضب". والمؤلف يذكر هذين لأن الكثير من الرقاب تهوي بها السيوف، وتتناحر البشرية نتيجة للغضب، وللشهوة فحقاً شهوة الأموال والحصول على أموال كثيرة حتى لو كانت سرقة دول من دول تفوقها قوة وذلك للأطماع منذ أن صنعت المواد الحادة، ثم جاءت الطائرات، وراجمات الصواريخ وغيرها.
ثم ذكر " وداعي العقل والعلم، فإن الله سبحانه وتعالى خلق فيه-الإنسان- العقل والشهوة ونصبهما داعيين بمقتضياتهما، ليتم مراده ويظهر لعباده عزته في حكمته، وجبروته، ورحمته، وبره ، ولطفه في سلطانه، وملكه، فاقتضت حكمته، ورحمته، أن أذاق أباهم وبيل مخالفته" وأضاف في كتابه.. كيف كانت غواية الشيطان لآدم وحواء، وكيف كانت النتيجة، وكيف فتح الله باب التوبة إليه تبارك وتعالى.
وفي إحدى فصول الكتاب ذكر المؤلف أيضاً كيف مصير الجن، وهل يثابون ويعاقبون كالإنس قال ابن القيم " قال تعالى (أهبطا منها جميعاً بعضكم لبعضٍ عدو) ثم قال (فإما يأتينكم مني هدى) وكلا الخطابين لأبوي الثقلين- أي آدم وإبليس- وهو دليل على أن الجن مأمورون منهيون داخلون تحت شرائع الأنبياء، ثم ذكر أوجه الخلاف بين العلماء عن مصير الجن في الآخرة، وذكر أدلة كثيرة لكل طرف.
وفي إحدى فصوله أيضاً ذكر المؤلف صفات القلب السليم فقال " القلب السليم الذي ينجو من عذاب الله، هو القلب الذي قد سلم من هذا وهذا، فهو القلب الذي قد سلم لربه، وسلم لأمره ولم تبق فيه منازعة لأمره، ولا معارضة لخبره، فهو سليم مما سوى الله وأمره، لا يريد إلا الله، ولا يفعل إلا ما أمره الله ، فالله وحده غايته". وكتب المؤلف عن فضل العلم وشرفه فقال" قال الله تعالى ( شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم) وهذا يدل على فضل العلم وأهله من وجوه:
أحدها: استشهادهم دون غيرهم من البشر.
والثاني: اقتران شهادتهم بشهادته.
والثالث: اقترانها بشهادة ملائكته.
والرابع : تزكيتهم وتعديلهم فالله لا يستشهد من خلقه إلا العدول.
الخامس : وصفهم بأولي العلم، وهذا يدل على اختصاصهم.
ثم أخذ يعدد حتى وصل إلى الرقم تسعة وعشرون بعد المائة، مع ذكر الأدلة وإسهاب ،وتفصيل.
وفي إحدى فصوله ذكر المؤلف كيف هو الكون الذي نعيش فيه وهذا الفلك الدوار بشمسه، وقمره ونجومه وأبراجه، وكيف يدور
على هذا العالم هذا الدوران الدائم إلى آخر الأجل على هذا الترتيب ، ويدل على كثرة تأمل هذا العالم الجليل في ملكوت الله وإبداعه في هذا الكون، حيث شملت تأملاته في الحكمة من نزول المطر، وفي خلق بعض الحشرات والحيوانات، والحكمة في تركيب البدن، وكيف عمل الحواس الخمس وغيرها، ثم جاء فصل في ذكر المنجمين والرد على أباطيلهم ، الكتاب بالجملة أبدع المؤلف في إخراجه رحمه الله رحمة واسعة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق